يبرز جامع الملوية في سامراء كصرح ديني وعمراني يعكس عظمة العمارة الإسلامية في العصر العباسي، إذ بُني بأمر الخليفة المتوكل بين عامي 848 و851 ميلادية، ويشتهر بمئذنته الحلزونية الفريدة، ويشكل جزءًا من موقع اليونسكو للتراث العالمي، كما يجذب الباحثين وعشاق التاريخ من مختلف أنحاء العالم لما يحمله من قيمة تاريخية ومعمارية استثنائية.
شُيد الجامع في محافظة صلاح الدين، ويجسد قوة الدولة العباسية وإبداعها في التصميم المعماري، فقد صممت مئذنة الملوية لتصل إلى ارتفاع 52 مترًا، وتتميز بسلم حلزوني خارجي يبلغ عرضه مترين، كان مخصصًا لرفع الأذان، وهو ما يعكس براعة المهندسين العباسيين في الجمع بين الوظيفة والجمال، كما يرمز الجامع إلى الطموحات الحضارية للعصر الذهبي للخلافة.

يُمثل جامع الملوية شاهدًا حيًا على ازدهار الدولة العباسية، ويجمع بين الجانب الروحاني والإبداع الفني، فقد أدرج المسجد ضمن قائمة اليونسكو عام 2007 ضمن مدينة سامراء الأثرية، ويعكس التصميم الحلزوني لمئذنته تفرد العمارة الإسلامية، إذ يُعد أيقونة حضارية نادرة تظهر قدرة العباسيين على الابتكار، ويعزز من مكانة سامراء التاريخية كمركز للثقافة والدين.
استُخدم السلم الحلزوني للوصول إلى قمة المئذنة بسهولة، وكان جزءًا من النظام الهندسي الذي صُمم لرفع الأذان، كما يتيح للزوار رؤية بانورامية للمدينة والمناطق المحيطة، ويبرز تصميم الجامع مدى اهتمام العباسيين بالتفاصيل المعمارية الدقيقة، ويظهر كيف مزجوا بين الوظائف العملية والزخارف الجمالية ليتركوا إرثًا خالدًا يعكس حضارة العصر.

يظل الجامع اليوم رمزًا للصمود الحضاري والعقائدي في سامراء، ويستقطب الزوار من مختلف أنحاء العالم، إذ يُعد مركزًا ثقافيًا وتاريخيًا يتيح التعرف على تاريخ الدولة العباسية، كما يجسد الجامع إرثًا معماريًا وفنيًا غنيًا، ويظهر تطور الهندسة الإسلامية في القرون الأولى للإسلام، وهو ما يعزز السياحة الثقافية ويحفز البحث الأكاديمي حول العمارة الإسلامية.
تحافظ مئذنة الملوية على هويتها العباسية، وتروي قصص القرون الماضية، كما يعكس الجامع الطموحات الحضارية للخليفة المتوكل، ويؤكد على دور سامراء كمركز حضاري وثقافي، ويُلهم الأجيال الجديدة بدروس في الهندسة والفن والدين، ويبرز أهمية الحفاظ على الإرث التاريخي للعراق، إذ يشكل حلقة وصل بين الماضي والحاضر ويؤكد استمرارية الهوية الإسلامية للمدينة.
المصدر: سي إن إن