الثلاثاء 1447/03/17هـ (09-09-2025م)
الرئيسية » جولة في التراث » العراق » مرئي » الآثار » بيستانسور موقع تراثي يكشف بدايات الزراعة وتغير المفاهيم التاريخية القديمة

بيستانسور موقع تراثي يكشف بدايات الزراعة وتغير المفاهيم التاريخية القديمة

يمثل تل بيستانسور الأثري في سهل شهرزور بمحافظة السليمانية موقعًا فريدًا، إذ يكشف عن جذور الاستيطان البشري الأولى في شمال العراق، ويُظهر أدلة مهمة تعود إلى الألفية الثامنة قبل الميلاد، مما يجعله أحد أبرز المواقع التي ساهمت في فهم بدايات الزراعة في تاريخ الإنسان، حيث تم إدراجه في القائمة الإرشادية المؤقتة لليونسكو باعتباره موقعًا ذا قيمة تراثية عالمية.

أظهرت التنقيبات الأثرية في بيستانسور أن المنطقة لم تكن مجرد موطن لمجتمع بدائي، بل شكلت نواة لتحولات تاريخية كبرى في حياة البشر، فقد أثبتت النتائج أن سكان الموقع مارسوا الزراعة منذ نحو 9000 سنة قبل الميلاد، وهو ما يعني أن بداية الزراعة لم ترتبط فقط بقرية جرمو التي كانت تُعرف بأنها الأقدم، بل إن بيستانسور سبقها ليغير المفاهيم المتعارف عليها حول تطور القرى الزراعية الأولى.

يقع الموقع جنوب شرق مدينة السليمانية عند سفوح جبال زاغروس الغربية، وهي منطقة غنية بالموارد الطبيعية التي ساعدت المجتمعات الأولى على الاستقرار، كما أن بيئته الجغرافية سهلت عمليات الاستيطان البشري المبكر، حيث وفر السهل الخصيب الظروف الملائمة لممارسة الزراعة وتربية الحيوانات، مما جعله مركزًا محوريًا في دراسة بدايات المجتمعات الزراعية.

بستان سور - ويكيبيديا

تمثل الأهمية الأثرية لبيستانسور نقطة تحول في الأبحاث المتعلقة بتاريخ الزراعة، إذ قدمت دلائل واضحة على أن ممارسات الزراعة بدأت في العصر الحجري الجليدي، وهو ما يوسع من فهمنا حول مراحل تطور الإنسان من الصيد والجمع إلى الاستقرار والزراعة، وقد أشارت الدراسات إلى أن هذه الاكتشافات فتحت أفقًا جديدًا أمام الباحثين لإعادة تقييم التسلسل الزمني للثورات الزراعية الأولى في الشرق الأدنى.

لم يقتصر دور بيستانسور على إلقاء الضوء على بدايات الزراعة، بل أسهم أيضًا في كشف طبيعة الاستيطان البشري المبكر، فقد أظهرت بقايا الأدوات الحجرية وبقايا البذور والنباتات كيف تعامل الإنسان مع بيئته وكيف طور أدواته لتناسب احتياجاته اليومية، وهذا يعكس التقدم الكبير الذي تحقق في تلك الفترة والذي شكل قاعدة للتطورات اللاحقة في مسيرة الحضارة الإنسانية.

اليوم يُنظر إلى بيستانسور كموقع أثري يحمل قيمة تاريخية وإنسانية بالغة، ومع إدراجه على القائمة الإرشادية لليونسكو يزداد الاهتمام بضرورة حمايته وصيانته كجزء من التراث العالمي، حيث يمثل شاهدًا حيًا على قدرة الإنسان في عصور ما قبل التاريخ على إرساء أسس التحول الزراعي الذي غير مسار البشرية، وهو ما يجعله مقصدًا مهمًا للباحثين والمهتمين بدراسة أصول الحضارات الأولى.

المصدر: ويكيبيديا

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار