اكتشف الباحثون مدينة كالح القديمة وبدأوا توثيق تاريخها الذي يمتد لآلاف السنين، وكانت تعرف باسم كالخو في العصور الآشورية، وتقع آثارها على بعد 30 كم جنوب الموصل في العراق، وقد شكلت واحدة من أكبر مدن الإمبراطورية الآشورية بين 1250 و610 قبل الميلاد، وتعد اليوم شاهدًا على عراقة الحضارة الآشورية رغم التخريب الذي تعرضت له.
شهدت مدينة كالح، أو النمرود كما يعرفها العصر الحديث، دمارًا واسعًا في عام 2015 على يد تنظيم الدولة الإسلامية، حيث تم تدمير العديد من المباني والآثار، وهو ما دفع المنظمات الدولية والمحلية إلى التدخل للحفاظ على ما تبقى من الموقع، وتم إدراج المدينة ضمن القائمة الإرشادية المؤقتة لليونسكو تحت الاسم الرسمي “نمرود” لتسليط الضوء على أهميتها التاريخية ومحاولة حمايتها من الانقراض.
تحتل كالح مكانة بارزة في التاريخ القديم، فقد كانت عاصمة الإمبراطورية الآشورية الحديثة في القرن التاسع قبل الميلاد، وقد أظهرت الحفريات وجود قصور ومعابد ضخمة تشير إلى التطور العمراني والمعماري للمدينة، كما كشفت الآثار عن النقوش الحجرية التي توثق الأحداث السياسية والدينية، مما يعكس الدور المركزي للمدينة في الحياة الآشورية ويؤكد أهميتها كموقع تاريخي عالمي يستحق الحفظ والدراسة.
بدأت اليونسكو في عام 2017 برنامج ترميم للموقع لتقييم الأضرار وإعادة تأهيل بعض أجزاء المدينة، وشمل المشروع تدريب العمال العراقيين على أساليب الحفاظ على التراث، كما تم توثيق كل القطع الأثرية والآثار التي نجت من الدمار، حيث يسعى الفريق الدولي والمحلي إلى إعادة المدينة إلى حالتها شبه الأصلية، ومواجهة آثار التخريب التي طالت معابدها وأسوارها التاريخية.
تواصل كالح جذب اهتمام الباحثين والمؤرخين حول العالم، فهي تقدم نموذجًا حيًا للحضارة الآشورية في العراق، وتشكل جسرًا بين الماضي والحاضر، وقد أصبحت دراسات الترميم فرصة لفهم أفضل لتقنيات البناء القديمة وأساليب حماية التراث في مناطق الصراع، كما تعكس جهود اليونسكو التعاون الدولي في صون المواقع الأثرية وحماية الهوية التاريخية للشعوب، وتبقى كالح رمزًا لمقاومة النسيان رغم الخراب الذي لحق بها.
المصدر: ويكيبيديا