الجمعة 1447/03/13هـ (05-09-2025م)
الرئيسية » جولة في التراث » مصر » مرئي » الآثار » آثار قصر البنات تكشف تاريخ الفيوم عبر القرون

آثار قصر البنات تكشف تاريخ الفيوم عبر القرون

تشكل آثار قصر البنات جنوب بحيرة قارون بمحافظة الفيوم محطة مهمة في دراسة تاريخ مصر القديمة، إذ تعود جذورها إلى العصرين اليوناني والروماني منذ عام 260 قبل الميلاد وحتى القرن الرابع الميلادي، وكانت هذه المنطقة مركزًا دينيًا لعبادة المعبود سوبك الذي يمثل في صورة التمساح، كما لعبت دورًا اجتماعيًا وحضاريًا بارزًا انعكس في المكتشفات الأثرية التي وُجدت بها، من أقمشة ونسيج وبرديات وأوانٍ فخارية ومسارج ومقابر جماعية تعكس تنوع أنماط الحياة في ذلك الزمن.

444

وتشير الشواهد الأثرية إلى أن الموقع كان بمثابة مستوطنة صغيرة حملت في العصر اليوناني اسم “يوهيميريا”، وهو ما أوضحه سيد عوض محمد شعيب كبير مفتشي آثار الفيوم الذي أكد أن مظهرها المتواضع نسبيًا جعلها غير واضحة في خريطة المواقع الأثرية المعروفة، كما ساهم استغلالها من قبل ملاك الأراضي الزراعية الذين اعتبروا تربتها سباخًا صالحة للزراعة في تدمير أجزاء كبيرة منها، مما أدى إلى فقدان الكثير من تفاصيلها المعمارية والتخطيطية.

واحتوت المنطقة على معبد موجه على محور جنوبي شرقي، بينما كان التل المعروف بقصر البنات يرتفع نحو أربعة أمتار عن سطح البحر، وهو موقع تميز عن غيره من المواقع الأثرية المجاورة لكونه محاطًا بالكامل بأراضٍ زراعية، وهو ما أثر على حالته الحالية إذ أصبح في وضع حفظ ضعيف وسطحه شبه مسطح، مع وجود عدد محدود من المباني الباقية المبنية من الطوب المحروق والخرسانة الرومانية، وقد تم التعرف على بقايا معمارية توحي بوجود حمامات ومنتجعات صحية كانت تخدم سكان المنطقة.

ومن أبرز المكتشفات جدار متآكل من الطوب اللبن يمتد لمسافة مائة متر تقريبًا من الشمال الغربي إلى الجنوب الشرقي، وعلى مقربة منه بناء أسطواني من الطوب المحروق لا يزال قائمًا بارتفاع متر ونصف تقريبًا.

ويرجح الباحثون أنه كان جزءًا من منتجع صحي، حيث عُثر بالقرب منه على أرصفة جيرية وقنوات ربما استُخدمت لتصريف المياه، بينما تشير بقايا حمام آخر في الجهة الشمالية إلى وجود طابقين دائريين يحوي كل منهما عشرة مقاعد لأحواض مرتبة جنبًا إلى جنب، وهو ما يكشف عن تطور البنية التحتية للمياه في تلك الفترة.

3433

ويمتد على سطح المنطقة الأثرية غطاء متواصل من بقايا الفخار الهلنستي والروماني، ما يعكس النشاط الاقتصادي والحضاري الذي شهدته هذه المستوطنة، حيث لعبت صناعة الفخار دورًا رئيسيًا في حياة السكان، فضلًا عن وجود مقابر جماعية تحتوي أكثر من دفنة متراكبة فوق بعضها، وهو ما يكشف طبيعة الممارسات الجنائزية التي اتسمت بها المنطقة.

وتمثل منطقة قصر البنات اليوم جزءًا من القائمة الإرشادية المؤقتة لليونسكو ضمن ملف الفيوم، وهو ما يمنحها أهمية إضافية باعتبارها شاهدًا على تفاعل الإنسان مع البيئة في عصور مختلفة، وفرصة لتسليط الضوء على تاريخ الفيوم المتنوع الذي جمع بين الدين والاقتصاد والعمران، الأمر الذي يجعلها موقعًا جديرًا بالاهتمام في خطط الحفاظ على التراث العالمي.

المصدر: ويكيبيديا

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار