الخميس 1447/02/27هـ (21-08-2025م)
الرئيسية » جولة في التراث » سوريا » مرئي » المعالم التاريخية » مدينة ماري الأثرية تكشف أسرار الحضارات القديمة في الشرق

مدينة ماري الأثرية تكشف أسرار الحضارات القديمة في الشرق

تعد مدينة ماري، المعروفة بتل الحريري، إحدى أهم المدن الأثرية في الشرق الأدنى القديم، وتقع في محافظة دير الزور شرق سورية على ضفاف نهر الفرات، وقد أسست نحو عام 2900 قبل الميلاد، وازدهرت خلال الألفية الثالثة والثانية قبل الميلاد، حيث لعبت دورًا محوريًا كمركز تجاري يربط بين الحضارات السومرية والأكادية والآشورية، مستفيدة من موقعها الاستراتيجي على طرق التجارة بين الشرق والغرب، مما جعلها محطة رئيسية للتبادل التجاري والثقافي بين الشعوب.

ماري.. مملكة تلاشت معالمها خلال الحرب السورية

شهدت ماري حضارة متقدمة في مختلف المجالات، إذ كشفت الحفريات عن آثار معمارية متطورة وفنون رفيعة المستوى وعلوم مزدهرة، وكان من أبرز معالمها القصر الملكي الضخم الذي مثّل مدينة داخل مدينة، وضم أكثر من 300 غرفة وساحات واسعة، ما يعكس مدى التنظيم العمراني والحضاري في تلك الحقبة، كما عُثر داخل القصر على آلاف الألواح الطينية المكتوبة بالخط المسماري، والتي وثّقت تفاصيل الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وأظهرت أن ماري كانت مركزًا إداريًا وثقافيًا مؤثرًا في المنطقة.

تعرضت المدينة عبر تاريخها لسلسلة من الدمار، من أبرزها الغزو الأكادي، ثم التدمير على يد البابليين عام 1759 قبل الميلاد، مما أدى إلى تراجع أهميتها تدريجيًا وفقدان دورها كمركز رئيسي في المنطقة، إلا أن إرثها التاريخي ظل شاهدًا على حضارتها العريقة، حيث اكتُشفت تماثيل ومنحوتات وأعمال فنية عالية الجودة تعكس براعة الفنانين الماريين، إضافة إلى اللقى الأثرية التي قدمت صورة واضحة عن حياة السكان وأنشطتهم التجارية والدينية والاجتماعية.

ماري.. مملكة تلاشت معالمها خلال الحرب السورية

أهمية ماري لا تقتصر على كونها موقعًا أثريًا، بل تمثل مصدرًا رئيسيًا لفهم تاريخ المنطقة خلال الألفية الثالثة والثانية قبل الميلاد، وقد أدرجت في القائمة الإرشادية المؤقتة لليونسكو تحت الاسم الرسمي “ماري (تل الحريري)”، مما يؤكد قيمتها كجزء من التراث الإنساني، كما يسلط الضوء على ضرورة الحفاظ على هذا الموقع وصونه من التدمير أو الإهمال، خاصة في ظل الظروف التي تشهدها المنطقة.

اليوم، يقف تل ماري الأثري بالقرب من مدينة البوكمال شاهدًا على تاريخ امتد لآلاف السنين، ولا يزال الموقع هدفًا لبعثات التنقيب الأثري التي تبحث في طبقاته عن مزيد من الأسرار والكنوز المدفونة، كما يمكن أن يشكل مستقبلًا وجهة سياحية هامة لعشاق التاريخ والآثار، لما يقدمه من تجربة فريدة للتعرف عن قرب على إحدى أقدم وأهم حضارات الشرق القديم.

المصدر: اليونسكو

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار