الدكتور يوسف الكاظم رئيس الاتحاد العربي للإعلام التراثي: استثمار التراث يعمق وعي الأفراد بجذورهم الثقافية

شدّد الدكتور يوسف الكاظم، رئيس الاتحاد العربي للإعلام التراثي، على أن استثمار التراث العربي في السياحة الثقافية لا يقتصر على تحقيق عوائد اقتصادية فحسب، بل يضطلع بدور بالغ الأهمية في إعادة تشكيل علاقة الإنسان بماضيه وتعزيز شعوره بالانتماء، مؤكدًا أن التراث ليس مجرد رموز محفوظة، بل هو جزء أصيل من الهوية الاجتماعية والروحية للأمة، يجب أن يُستحضر في كل جهود التنمية المستدامة.
وأوضح الكاظم أن السياحة الثقافية حين تنطلق من عمق التراث، تقدم تجارب حية تعيد سرد التاريخ بأساليب حديثة، تجمع بين التعليم والمتعة، وتُثري وعي الزائر المحلي والسائح الأجنبي، لافتًا إلى أن هذا النوع من السياحة قادر على بناء اقتصاد معرفي يعتمد على الموارد غير المادية، ويحافظ على التنوع الثقافي الذي تتميز به الدول العربية، كما يُعد أداة فاعلة في تسويق الصورة الإيجابية للعالم العربي خارج الحدود.
وأشار إلى أن الاتحاد العربي للإعلام التراثي يعمل على عدد من المشاريع التي تهدف إلى دمج الإعلام بالتراث والسياحة، عبر إنتاج محتوى مرئي وتفاعلي يعرض الملامح الثقافية للمدن والقرى العربية، ويُبرز الحرف التقليدية، والموسيقى، والأزياء، والمواقع التاريخية، وذلك في إطار استراتيجية تستهدف بناء سردية تراثية موحدة تحفظ التنوع وتحتفي به في الوقت ذاته.
وبيّن أن إعادة تقديم التراث العربي بأسلوب يتماشى مع أدوات الإعلام الرقمي، يسهم في جذب فئة الشباب إلى عالم التراث، ويُعيد تشكيل نظرتهم له بوصفه مجالًا نابضًا بالحياة، وليس صورة نمطية جامدة من الماضي، مشددًا على أهمية دعم المؤسسات الإعلامية للمبادرات الثقافية، ومواكبة التحولات في أنماط استهلاك المحتوى، من خلال منصات تفاعلية وتطبيقات ذكية تُسهّل الوصول إلى المعلومة وتغذّي الفضول المعرفي.
وأضاف الكاظم أن تجربة الزائر لا تكتمل بمجرد مشاهدة المواقع التاريخية، بل يجب أن تتضمن تفاعلًا مع القصص، والناس، والحرف، والطقوس، ما يجعل السياحة الثقافية أكثر إنسانية وتأثيرًا، داعيًا إلى دعم الكفاءات العربية في مجالات توثيق التراث، والإعلام الرقمي، والتصميم التفاعلي، لضمان إنتاج محتوى يرتقي إلى طموحات المجتمعات ويواكب روح العصر.
وختم تصريحه بالتأكيد على أن الحفاظ على التراث لا يكون عبر النُصب والمعارض فقط، بل من خلال دمجه في حياة الناس، وتقديمه كرافعة اقتصادية وقيمية، تُغني المجتمعات وتمنحها أساسًا صلبًا للمستقبل.