تأسست القاهرة الإسلامية عام 969 ميلادياً على يد الدولة الفاطمية، لتكون عاصمة جديدة تجمع بين السلطة السياسية والمكانة الدينية، وارتبط إنشاؤها بموقع استراتيجي قريب من مدينة الفسطاط التي أسسها القائد عمرو بن العاص بعد الفتح الإسلامي لمصر عام 641 ميلادياً، وبهذا أصبحت القاهرة نقطة التقاء بين مراحل تاريخية متتالية شكلت ملامح المدينة.
ضمّت القاهرة الإسلامية منذ نشأتها العديد من المعالم الدينية والمدنية التي تنوعت في طرازها المعماري، فجمعت بين الطابع الفاطمي والمملوكي والعثماني، واحتوت على عشرات المساجد والمدارس والأسواق والبوابات التاريخية، وهو ما جعلها أحد أكبر التجمعات المعمارية الإسلامية المتكاملة في العالم العربي، وأكثرها ثراء من حيث التنوع التاريخي والوظيفي.
أدرجت منظمة اليونسكو عام 1979 القاهرة الإسلامية ضمن قائمة مواقع التراث العالمي، باعتبارها نموذجاً حياً لتطور العمارة الإسلامية واستمرارها في الحياة اليومية، ويشمل هذا التصنيف المدينة القديمة التي تضم مناطق بارزة مثل شارع المعز لدين الله الفاطمي وجامع الأزهر وباب زويلة ومسجد السلطان حسن، إلى جانب عشرات المباني التراثية الأخرى.
احتفظت المدينة رغم التحديات العمرانية والبيئية بهويتها المميزة، ويعود ذلك إلى طبيعة التصميم الحضري الذي بُني على أساس توازن دقيق بين الوظيفة الجمالية والدينية والاجتماعية، فكانت الأزقة الضيقة والأسواق المغلقة والمساجد الكبيرة تعبر عن روح المدينة القديمة، وتُشكل منظومة متكاملة من الملامح التي حافظت على تماسكها حتى العصر الحديث.
ساهم موقع المدينة في جعلها مركزاً للحكم والعلم والدين والتجارة لقرون متعاقبة، فاستقطبت العلماء والحرفيين والقضاة والطلاب من مختلف الأقاليم الإسلامية، ما عزز من ثقلها الحضاري، كما ساعد على بروزها كعاصمة ثقافية تتواصل فيها المدارس المعمارية والتقاليد الاجتماعية والفكرية.
تواصل القاهرة الإسلامية حتى اليوم أداءها كموقع حضاري مفتوح على الزوار والباحثين والمهتمين بالتراث، وتسهم زيارتها في تعريف الأجيال الجديدة بالتحولات التي مرت بها المدينة، كما تشكل مصدراً تعليمياً وسياحياً ومعمارياً يجمع بين الأصالة والتنوع، وتُمثل في الوقت نفسه أحد أركان الهوية الثقافية لمصر والعالم العربي.
المصدر: ويكيبيديا