يقع مسجد ابن طولون في قلب القاهرة القديمة، ويُعد من أبرز المعالم الإسلامية التي ما زالت قائمة على حالها منذ أكثر من أحد عشر قرناً، حيث أمر ببنائه الأمير أحمد بن طولون مؤسس الدولة الطولونية في عام 879 ميلادياً، وجاء تصميمه على طراز معماري فريد يجمع بين البساطة والوظيفة مع الحفاظ على العناصر الجمالية الإسلامية.
تميّز المسجد بموقعه ضمن النسيج التاريخي للقاهرة، إذ يشكّل جزءاً أصيلاً من معالم المدينة الإسلامية التي تمتد جذورها إلى قرون متعاقبة، وقد تم تسجيله رسمياً ضمن قائمة منظمة اليونسكو للتراث العالمي عام 1979، ليصبح بذلك أحد المكونات المعترف بها دولياً في إطار ملف “القاهرة الإسلامية”، وهو ما يعكس قيمته الثقافية والروحية والمعمارية.
احتفظ المسجد بأصالته رغم تعاقب العصور وتغيرات الزمان، حيث ظل محافظاً على بنيانه وتفاصيله المعمارية مثل المئذنة ذات السلم الخارجي والحوش الواسع والصحن المكشوف، ما يجعله شاهداً على تقنيات البناء والفكر المعماري في القرن التاسع الميلادي، ويقدم مثالاً حياً على ازدهار العمارة الإسلامية في تلك الفترة.
يمتد تأثير المسجد إلى الأبعاد الثقافية والحضارية التي تربط بين الأجيال، إذ يشكل زيارته جزءاً من التجربة التاريخية التي تعيشها القاهرة العتيقة، ويُعد من أكثر المواقع جذباً للباحثين في مجالات التراث والعمارة والتاريخ، كما يمثل مرجعاً مهماً في دراسات التخطيط الحضري الإسلامي والهوية المعمارية للمدينة.
.jpg)
يعكس إدراج المسجد ضمن مواقع التراث العالمي إدراكاً دولياً بأهمية الحفاظ على الموروث الثقافي العربي والإسلامي، وهو ما يحفز الجهات الرسمية والمجتمع على المشاركة في حماية وصيانة هذا الصرح، خصوصاً في ظل التحديات البيئية والعمرانية التي تهدد المعالم التاريخية في المدن الكبرى.
يمثل المسجد في الحاضر مساحة للربط بين الماضي والحاضر، ويوفر نموذجاً عملياً لفهم تاريخ العمارة الدينية في القاهرة، ويستمر في أداء دوره الديني والثقافي، ويُعد من المساجد القليلة التي حافظت على وظيفتها الأصلية، وهو ما يزيد من قيمته المادية والمعنوية.
المصدر: ويكيبيديا
