يحتفل العراقيون في شهر فبراير من كل عام بعيد الخضر الياس باعتباره طقسًا شعبيًا يجمع بين الرمزية الدينية والعادات الاجتماعية ، ويرتبط هذا العيد بشخصية الخضر التي تحظى بتقديس واسع في مختلف الديانات ، ويشارك في إحيائه المسلمون والمسيحيون والأيزيديون ضمن أجواء احتفالية تتنوع طقوسها وأساليب التعبير فيها.
يُشعل المحتفلون الشموع ويلقون بها في نهر دجلة تعبيرًا عن أمنياتهم للعام الجديد ، كما يكتب البعض أمنياته على أوراق صغيرة قبل أن يرسلها عبر النهر ، وتشهد المناسبة تبادل التهاني وإعداد أطباق خاصة وتنظيم رقصات شعبية تُعيد إحياء طقوس قديمة ارتبطت بالربيع والخصب والأمل.
يشترك هذا العيد مع تقاليد دول أخرى أبرزها تركيا التي تحتفل به باسم “Hıdırellez” في الخامس من مايو ، وتعتبره مناسبة تراثية لاستقبال الربيع ، فيما يحييه المسيحيون في فلسطين يومي الخامس والسادس من أيار بزيارة الكنائس وإقامة صلوات جماعية في بيت لحم ورام الله والقدس ، ويعكس هذا التنوع الجغرافي والطقسي وحدة الرمزية الإنسانية المرتبطة بالأمل والتجدد.
يُجمع المهتمون بالتاريخ الثقافي على أن عيد الخضر الياس يمثل تقاطعًا بين المعتقدات الروحية والعادات الشعبية ، ويرى الأيزيديون أن هذا الاحتفال يمتد جذره إلى نحو أربعة آلاف سنة قبل الميلاد ، ما يعزز من مكانته بوصفه تقليدًا يحمل طابع الاستمرارية ويُجسد تنوع الطقوس الدينية التي حافظت على حضورها رغم تعاقب الأزمنة.
أدرجت منظمة اليونسكو هذا العيد ضمن قائمة التراث الثقافي غير المادي للبشرية تأكيدًا على أهميته التاريخية والاجتماعية ، وسعيًا لحمايته من الاندثار ضمن سياسات حماية التراث العالمي ، ويمنح هذا الاعتراف بعدًا دوليًا للعيد الذي لم يعد مجرد مناسبة محلية بل صار رمزًا للتعدد الثقافي والتواصل بين الشعوب.
يسهم عيد الخضر الياس في ترسيخ مفاهيم العيش المشترك وتقدير التراث الشعبي داخل المجتمعات العربية والشرقية ، ويؤكد من خلال تعدد طقوسه وشموليته أن التراث ليس مجرد بقايا من الماضي بل ممارسة حية تتجدد وتنتقل عبر الأجيال ، وهو ما يعزز دور هذا العيد في الحفاظ على الهوية الثقافية المشتركة بين شعوب المنطقة.
المصدر: ويكيبيديا