الأحد 1447/03/01هـ (24-08-2025م)
الرئيسية » جولة في التراث » فلسطين » مرئي » المعالم التاريخية » تل السلطان في أريحا يكشف جذور الاستيطان البشري الأول

تل السلطان في أريحا يكشف جذور الاستيطان البشري الأول

تمكّنت أريحا القديمة من الحفاظ على مكانتها بوصفها واحدة من أقدم المدن المأهولة في التاريخ الإنساني ، وتُعرف هذه المدينة بموقعها الأثري الشهير “تل السلطان” الذي يقع في وادي الأردن ، وقد صنّفته منظمة اليونسكو عام 2023 ضمن قائمة التراث العالمي لما يحمله من دلائل حضارية تعود إلى أكثر من عشرة آلاف عام.

تُظهر الحفريات الأثرية في تل السلطان أدلة على الاستيطان البشري منذ الألفية التاسعة قبل الميلاد ، حيث كشفت البقايا المعمارية عن وجود تحصينات حجرية تعود إلى العصر الحجري الحديث ، ما يجعل أريحا أقدم مدينة محصّنة في العالم ، ويؤكد أن سكانها الأوائل تمكنوا من تطوير نظم دفاعية وهياكل دائمة مبكرًا.

يمثّل هذا الموقع نقطة تحول في التاريخ البشري من حياة الترحال إلى الاستقرار ، إذ تشير المكتشفات إلى أن أريحا كانت أول مستوطنة بشرية دائمة مارست الزراعة ، واستفاد سكانها من عين السلطان التي وفرت مصدرًا دائمًا للمياه وأسهمت في دعم الحياة المستقرة والزراعة.

تُبرز المعطيات الأثرية أن أريحا كانت أول منطقة شهدت صناعة الفخار ، وهو ما يربط هذا الموقع بتطورات فنية وتقنية هامة في عصور ما قبل التاريخ ، كما كشفت الحفريات عن سلسلة من الطبقات الحضارية المتراكمة التي تعكس استمرار الاستيطان وتغير نمط المعيشة والعمران عبر آلاف السنين.

تُعد المدينة اليوم مركزًا للزيارة الثقافية والسياحية بفضل معالمها الأثرية المتنوعة ، ومن أبرزها تل السلطان الذي يضم آثار المنازل والأبراج القديمة ، وقصر هشام الذي يعود للحقبة الأموية ويتميّز بزخارف الفسيفساء التي تُعد من الأجمل في المنطقة ، إضافة إلى دير القديس جورج في وادي القلط الذي يحكي قصة رهبانية تعود إلى العهد البيزنطي.

يشكّل جبل التجربة وجهة للزوار الباحثين عن البعد الديني في أريحا ، حيث يُعتقد أن المسيح خاض فيه تجربة الصوم ، كما يُعد مقام النبي موسى مكانًا مقدسًا للعديد من الزوار ويعكس التداخل بين الدين والتاريخ في المنطقة.

تحمل أريحا القديمة دلالات حضارية متعدّدة توثق تطور الحياة البشرية من الصيد والتنقل إلى الزراعة والاستقرار ، ويُسهم إدراجها ضمن التراث العالمي في تعزيز الوعي الدولي بضرورة حماية هذا الإرث الفريد من التغيرات البيئية والتهديدات السياسية.

المصدر: اليونسكو

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار