تمثل منطقة سانت كاترين في جنوب سيناء واحدة من أبرز المواقع التاريخية والدينية في الوطن العربي ، حيث تجمع بين قدسية المكان وتنوع التراث الذي يعكس حضارات متعاقبة وثقافات متعددة ، وتعد المنطقة من الأماكن القليلة التي تحمل رمزية خاصة في قلوب معتنقي الديانات السماوية الثلاث الإسلام والمسيحية واليهودية.
يُجسد دير سانت كاترين القلب النابض لهذا التراث ، إذ يقع عند سفح جبل موسى ، ويُصنف كأحد أقدم الأديرة المسيحية العاملة حتى اليوم ، ويحتوي الدير على مكتبة أثرية نادرة تضم آلاف المخطوطات التاريخية.
كما يضم كنيسة التجلي وعدداً من الكنائس الصغيرة التي تعود إلى عصور متعددة ، إلى جانب مسجد فاطمي بُني في القرن الثاني عشر الميلادي داخل أسوار الدير ، مما يبرز التعايش الديني عبر الزمن.
يحظى جبل موسى بمكانة دينية عالية ، إذ يُعتقد أنه الجبل الذي تلقى عليه النبي موسى الوصايا العشر ، ويجاوره جبل سانت كاترين الذي يُعد الأعلى في مصر ، ويجذب الزوار برحلته الروحية عبر قمته التي تطل على مشاهد طبيعية وصخرية فريدة ، كما تنتشر في المنطقة وديان طبيعية مثل وادي الأربعين ووادي طلح ، وتوجد بها آبار تاريخية أهمها بئر موسى الذي ارتبط بسيرة النبي خلال خروجه من مصر.
تضم سانت كاترين آثاراً من عصور متعددة منها البيزنطية والفرعونية ، وتم تسجيل الدير ضمن قائمة التراث العالمي لمنظمة اليونسكو لما يمثله من قيمة تاريخية ودينية وإنسانية ، كما يعكس تداخل الثقافات في منطقة صحراوية نائية حافظت على طابعها الأصيل ، وتعتبر المنطقة من الوجهات السياحية البيئية النادرة في مصر التي تجمع بين الجمال الطبيعي والتراث الروحي.
تُسهم هذه العناصر مجتمعة في جعل سانت كاترين نقطة التقاء نادرة بين العقائد والتاريخ والطبيعة ، وتُشكل مزاراً للمؤمنين والباحثين والمهتمين بالتراث ، وهي أيضاً فرصة حقيقية لدعم السياحة الثقافية والروحية ، وإبراز الدور المصري في حفظ الذاكرة الدينية العالمية ، وهو ما يدفع الجهات المعنية إلى تطوير الخدمات والبنية التحتية في المنطقة مع الحفاظ على طابعها التاريخي والبيئي.
المصدر: اليونسكو