الأحد 1447/02/23هـ (17-08-2025م)
الرئيسية » جولة في التراث » الإمارات العربية المتحدة » مرئي » المعالم التاريخية » التلي.. حرفة تراثية إماراتية تتجاوز حدود الزينة المادية

التلي.. حرفة تراثية إماراتية تتجاوز حدود الزينة المادية

سجلت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “يونسكو” حرفة “التلي” الإماراتية في عام 2022 ضمن القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للبشرية، اعترافًا بأهميتها الفنية والاجتماعية والثقافية في حياة المجتمع الإماراتي، ودورها المتواصل في تعزيز الهوية النسائية وتوثيق صلة الأجيال بجذورها التراثية.

وتمثل هذه الحرفة التقليدية، التي تمارسها النساء في مختلف أنحاء الإمارات، نموذجًا حيًا للممارسات الإبداعية التي توارثتها الجدات ونقلنها للبنات، حتى صارت رمزًا للذوق المحلي والأصالة والتقاليد المتجددة.

تُمارس حرفة التلي تحديدًا في المناسبات الموسمية، حيث يزداد الطلب عليها قبيل الأعياد الدينية ومواسم الزواج في فصل الصيف، إذ تستخدم في تزيين الأثواب النسائية وتجميل ملابس العروس، باعتبارها أحد رموز الفخامة والتقاليد.

ويُعرف “التلي” محليًا أيضًا باسم “ألسين”، ويتم تصنيعه بخيوط دقيقة من القطن، يبلغ عددها ستة، تفصلها في الوسط خيوط فضية، تُضفر يدويًا بأنماط متقنة تعكس رموزًا بصرية مستوحاة من البيئة الإماراتية، كالصحراء والبحر وأشكال النخيل والرمال والأمواج، في تعبير بصري يعكس المخزون الجمالي والثقافي للمرأة الإماراتية.

وتُعد التلي أكثر من مجرد حرفة جمالية، فهي نشاط اجتماعي يومي تنتج عنه شبكة من العلاقات والتبادل الثقافي داخل المجتمع المحلي، حيث تجتمع النساء في البيوت أو المجالس الشعبية، ليس فقط لممارسة الضفر وتزيين الأقمشة، بل لتبادل الحكايات والأمثال والأغاني التراثية، وهو ما يضفي على “التلي” طابعًا وجدانيًا ومعنويًا يتجاوز حدود الزينة المادية.

كما تُنقل هذه المهارة التقليدية اليوم من خلال قنوات رسمية، مثل الورش التدريبية في المدارس والجامعات، إلى جانب المبادرات الثقافية التي تنظمها هيئة دبي للثقافة والفنون ومراكز التنمية التراثية.

ويُنظر إلى حرفة التلي بوصفها عنصرًا حيويًا في الحفاظ على التراث الحرفي النسائي، إذ تساهم في تمكين المرأة من خلال توفير مصدر دخل، وتعزيز حضورها في الفعاليات الثقافية والمعارض والمهرجانات التراثية، وهو ما يضمن استمرارية هذه الممارسة في ظل التغيرات المجتمعية السريعة.

ومع تسجيلها في قائمة اليونسكو، باتت التلي تحمل قيمة إنسانية مشتركة تُضاف إلى رصيد الإمارات من الموروثات الحية، وتُثبت أن الحرف التقليدية يمكن أن تتجدد وتزدهر حين تكون محمية من قبل المجتمع، ومدعومة بسياسات ثقافية ورؤية وطنية للحفاظ على الهوية.

المصدر: اليونسكو

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار