سجلت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “يونسكو” طبق “الحيدو” الجيبوتي في عام 2023 ضمن قائمة التراث الثقافي غير المادي الذي يحتاج إلى حماية عاجلة، ليعزز بذلك حضور جيبوتي في سجل التراث العالمي ويُلفت الانتباه إلى أحد أكثر الطقوس الشعبية ارتباطًا بالزواج والأسرة والهوية الثقافية.
ويُعد “الحيدو” طبقًا تقليديًا رمزيًا، تتجاوز قيمته حدود المذاق والنكهة، ليحمل في مكوناته طقوسًا وخصوصية اجتماعية متوارثة بين الأمهات والجدات منذ أجيال.
بدأ الاحتفاء بهذا الطبق انطلاقًا من وظيفته الرمزية في مراسم الزواج، حيث يُقدم من والدة العروس إلى صهرها كنوع من التقدير والتكريم في الأسبوع الأول من الزواج.
ويتم إعداد الطبق داخل وعاء خاص منحوت يدويًا من جذع شجرة، يُخصص لحمل قطع صغيرة من لحم الجمل المجفف، الذي يتم قليه في الزبدة ثم حفظه في السمن التقليدي.
ولا يقتصر الأمر على المذاق فحسب، بل إن طريقة التقديم تمثل عنصرًا جماليًا وتراثيًا بحد ذاته، إذ يوضع الوعاء داخل سلة تُلف بورق الألمنيوم، وتُزين بالجلد والأصداف البحرية، قبل أن تُغطى بقطعة قماش وتُحفظ داخل حقيبة من الأقمشة التقليدية التي تحاكي الأزياء النسائية الجيبوتية.
ويُشكل “الحيدو” جزءًا أساسيًا من طقوس الزفاف التي تُجسد أدوار النساء في نقل الثقافة، حيث تتولى الأمهات والجدات والأخوات والعمات إعداد الطبق بعناية فائقة، باعتباره تعبيرًا عن شرف العروس ومكانة عائلتها.
وتُرافق طقوس الإعداد مجموعة من الألغاز والأهازيج الشعبية، وتُعد لحظة الكشف عن الطبق في بيت العريس محطة رمزية تعكس مدى تقدير حماته له ومدى الترابط بين العائلتين، ويُعتبر “الحيدو” أيضًا مصدر فخر اجتماعي، فكلما زاد اهتمام العائلة بتزيينه وتحضيره، ارتفعت مكانتهم في أعين المجتمع.
ويُؤدي هذا الطقس دورًا محوريًا في بناء جسور الود بين العائلتين، ويُعد رمزًا للضيافة والكرم والانتماء، إلا أنه بات مهددًا بالاندثار في ظل التغيرات الاجتماعية المتسارعة، ما دفع المجتمع المحلي، بمشاركة وزارة الشباب والثقافة في جيبوتي، إلى العمل على توثيقه والحفاظ عليه من خلال برامج التدريب وورش العمل التي تستهدف الأجيال الجديدة.
ومع تسجيله في قائمة اليونسكو، يُصبح “الحيدو” ليس مجرد طبق احتفالي بل إرثًا إنسانيًا مشتركًا، يتطلب الحماية والترويج كرمز للتواصل الثقافي والهوية الجيبوتية الأصيلة.
المصدر: اليونسكو