خالد خليل مؤسس الاتحاد العربي للإعلام التراثي يدعو لإطلاق مبادرة عربية موحدة لحماية تراثنا غير المادي من الاندثار

أكّد خالد خليل، مؤسس الاتحاد العربي للإعلام التراثي، ضرورة التحرك العاجل لإطلاق مبادرة عربية موحدة لحماية التراث غير المادي في الدول العربية، مشدداً على أن عناصر مثل الموسيقى الشعبية وفنون الحكي التقليدي وموروثات التعبير الشفهي باتت مهددة بالاندثار في ظل تمدد الثقافة الرقمية وتنامي تأثير العولمة، التي باتت تفرض أنماطاً ثقافية موحدة تقضي تدريجياً على التفرّد المحلي والهوية الوطنية.
ورأى خليل أن العالم العربي يمتلك كنوزاً من التراث غير المادي الذي لا يقل أهمية عن المعالم المادية والآثار الحجرية، بل يمثل الذاكرة الحية للمجتمعات، ويجسد عمقها الإنساني وتنوعها الثقافي، وأضاف أن العادات والتقاليد الشعبية، والأمثال المتوارثة، والرقصات الفولكلورية، والحكايات التي كانت تُروى على لسان الجدات، جميعها تشكل ركائز في تشكيل وعي الأجيال وصياغة وجدانها، لكنها اليوم مهددة بالغياب ما لم يتم تسجيلها وتوثيقها وتدريسها بشكل ممنهج.
وأشار إلى أن خطورة ما تواجهه هذه الألوان التراثية لا تكمن فقط في ضعف ممارستها، بل في افتقادها إلى الحضور في الفضاء العام، نتيجة هيمنة الأنماط الغربية الحديثة من الموسيقى والفنون، التي تنتشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي والمنصات الرقمية بصورة واسعة، مما يجعل الجمهور الشاب عرضة لفقدان العلاقة مع تراثه الأصلي.
وطالب خليل بضرورة أن تكون المبادرة المقترحة شاملة، تشمل توثيق التراث غير المادي وتفعيله في المناهج الدراسية والبرامج الإعلامية والفنية، إلى جانب تشجيع المراكز الثقافية على إقامة مهرجانات ومسابقات تُعنى بإحياء هذا التراث، والعمل على دمجه في الحياة اليومية، وأوضح أن هذا النوع من التراث لا يُحفظ بالكتب فقط، بل بالاحتفاء به وممارسته، وبمنحه مكانة لائقة في وجدان المجتمع، باعتباره لغة أصيلة تعبّر عن الروح الجماعية.
وشدد على أهمية التعاون بين الجهات الحكومية والمنظمات الأهلية والخبراء في مجالات الفنون والأنثروبولوجيا، لإنشاء قاعدة بيانات رقمية ترصد أشكال التراث غير المادي المهددة، وتتيح للأجيال القادمة التعرف عليها، مؤكداً أن التراخي في هذه المسألة يعني التخلّي الطوعي عن جذورنا الثقافية لصالح ثقافات عابرة لا تعبّر عنّا، ولفت إلى أن الإرث غير المادي لا يمكن استعادته متى ما اندثر، لأنه مرتبط بمكان وزمان وسياق اجتماعي لا يتكرر.
واختتم خليل تصريحه بالدعوة إلى عقد مؤتمر عربي موسّع يُخصَّص بالكامل لوضع خطة استراتيجية طويلة الأمد لصون التراث الثقافي اللامادي، حتى تبقى الأصوات والأنغام والحكايات التي شكّلت وجداننا حاضرة في المستقبل، كما كانت نابضة في الماضي.