الجمعة 1447/02/21هـ (15-08-2025م)
الرئيسية » جولة في التراث » اليمن » مرئي » الآثار » مملكة سبأ اليمنية.. قصة “أرض بلقيس” المُدرجة على قائمة التراث العالمي

مملكة سبأ اليمنية.. قصة “أرض بلقيس” المُدرجة على قائمة التراث العالمي

سجلت منظمة اليونسكو مؤخرًا مواقع مملكة سبأ الأثرية بمحافظة مأرب على قائمة التراث العالمي المعرض للخطر، بعد عقود من الإهمال والتهديدات الناتجة عن الحرب، وشمل الإدراج ستة مواقع رئيسية تمثل جوهر الحضارة السبئية، التي ازدهرت في الألفية الأولى قبل الميلاد، وتمتد من مدينة مأرب القديمة إلى معبد أوام ومعبد بران وسد مأرب ومدينة صرواح، وتعكس هذه المواقع ملامح التقدم المعماري والفني والسياسي الذي ميز واحدة من أقدم وأشهر الحضارات اليمنية.

تحتفظ مدينة مأرب القديمة بأطلال معمارية بارزة، مثل سورها شبه المنحرف الممتد بطول 5.4 كيلومتر، وسبع بوابات حجرية موزعة على مختلف الجهات، ويقع بداخل المدينة قصر سلحين الذي ارتبط بحكم ملوك سبأ منذ القرن السابع قبل الميلاد حتى انتقال السلطة إلى مملكة حِميَر، كما تضم المدينة أربعة معابد بارزة من بينها أقدم معبد يقع على مرتفع جبلي قريب، وتشير هذه المعالم إلى مركزية مأرب كمقر سياسي وديني لحضارة سبأ.

جانب من آثار مأرب التاريخية

برز سد مأرب القديم كمثال نادر على الهندسة المائية القديمة في شبه الجزيرة العربية، وقد بناه السبئيون في القرن السادس قبل الميلاد، ووصف بأنه كان يروي نحو 98 ألف مربع زراعي، وكان يبلغ ارتفاعه نحو 15 مترًا، وعرضه يزيد عن 650 مترًا، وأعادت الإمارات العربية المتحدة بناء السد في نفس موقعه القديم عام 1967 بطاقة استيعابية بلغت 400 مليون متر مكعب، ويعد هذا السد دليلًا على براعة السبئيين في التحكم بالمياه وسط بيئة صحراوية قاحلة.

احتضن معبد بران، أو ما يعرف بعرش بلقيس، طقوسًا دينية ومراسم ملكية، وبُني في القرن السادس قبل الميلاد، ويقع على بعد كيلومتر ونصف من محرم بلقيس، ويضم ستة أعمدة حجرية ضخمة يبلغ ارتفاع كل منها 12 مترًا، كما يحتوي على فناء داخلي، وبئر حجرية، وحوض ماء يُغذى عبر فم ثور مقدس، ويعد هذا المعبد من أبرز الشواهد على قوة المعمار الديني في تلك الحقبة، وظل مغطى بالرمال حتى تم الكشف عنه بالتنقيب الأثري في ثمانينات القرن العشرين.

يقع معبد أوام جنوب شرق مأرب، وشُيّد على يد المكرب السبئي آل ذرح بن سمه علي في القرن العاشر قبل الميلاد، ويتميز بسوره المبني بأحجار منحوتة ونقوش مسندية، ويمتد بطول 752 مترًا، ويحيط بفناء داخلي وعليه ثمانية أعمدة حجرية، ويتصل المعبد بمقبرة ملكية تضم آلاف المدافن، ويعد هذا المعبد أقدم معبد في جنوب الجزيرة العربية، وظل مستخدمًا حتى منتصف القرن الرابع الميلادي.

جانب من آثار مأرب التاريخية

تضم مدينة صرواح، الواقعة على بعد 40 كيلومترًا من مأرب، آثارًا ملكية منها قصر بلقيس ونقش النصر للملك كرب آل وتر، وهو نقش مؤلف من عشرين سطرًا يسجل إنجازات سبأ في توحيد اليمن، وتوسيع سيطرتها حتى سواحل أفريقيا، وكانت المدينة مركزًا لصيد الملوك لا للحكم، وتضم ثمانية مبانٍ تاريخية، وتؤكد على الدور السياسي والعسكري للسبئيين في محيطهم الإقليمي.

أكد خبير الآثار اليمني رفيق العكوري أن إدراج هذه المواقع ضمن قائمة التراث العالمي يعكس قيمتها الإنسانية، ويمنحها حماية قانونية دولية وفق اتفاقية اليونسكو، ويساهم في حشد الدعم الدولي لصيانتها في ظل المخاطر المتزايدة الناتجة عن النزاع المسلح.

يرفع هذا الإدراج عدد المواقع اليمنية ضمن القائمة إلى خمسة، بعد شبام حضرموت، وصنعاء القديمة، وزبيد، وأرخبيل سقطرى، ويعزز جهود الحفاظ على التراث الثقافي اليمني بوصفه جزءًا من ذاكرة العالم.

المصدر: العين الإخبارية

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار