انطلق موسم طانطان سنة 1963 ليشكل منذ ذلك الحين إحدى التظاهرات الثقافية البارزة في المشهد المغربي من خلال استحضار مظاهر الحياة الصحراوية وعرض تقاليدها وعاداتها في طقوس سنوية تستعيد تفاصيل الموروث الحساني الغني ، وتم تنظيم أول نسخة بفضل جهود محمد الأغظف الذي ارتبط اسمه بالمقاومة ضد الاحتلالين الفرنسي والإسباني في الجنوب المغربي، وشهدت المنطقة توقفاً قسرياً للموسم بين عامي 1979 و2004 نتيجة التوترات الأمنية التي كانت سائدة آنذاك كما لم يُنظم المهرجان طيلة ثلاث سنوات خلال جائحة كورونا.
ينظم موسم طانطان سنوياً في شهر مايو برعاية سامية من الملك محمد السادس وتشرف على تنظيمه مؤسسة ألموكار بشراكة مع دولة الإمارات التي أصبحت شريكاً دائماً في هذا الحدث منذ سنة 2015.
ويجسد هذا الموسم على مدى أيامه أوجه الحياة البدوية كما عاشتها القبائل الصحراوية قديماً حيث تعرض خيام تقليدية وتقام عروض تراثية تجتمع فيها الفروسية والرقص والموسيقى الشعبية والمأكولات المحلية، وتُشارك فيه فرق فنية من مختلف مناطق المملكة إضافة إلى ضيوف من دول أفريقية مثل السنغال ومالي وموريتانيا والنيجر وهو ما يعكس البعد الإفريقي للموروث الحساني وتداخله الثقافي العابر للحدود.
صنفت منظمة اليونسكو موسم طانطان ضمن قائمة التراث الثقافي اللامادي للإنسانية في سبتمبر 2004 بعد أن استوفت الفعاليات معايير الحفاظ على الهوية الثقافية وضمان تناقلها بين الأجيال.
ويشمل الموسم جوانب ثقافية متنوعة مثل المعارف الشفوية والطقوس والميثولوجيا والممارسات المرتبطة بالطبيعة والكون إضافة إلى المهارات التقليدية المرتبطة بالصناعات الحرفية المحلية التي تعبر عن قيم المجتمع الحساني، وتُعد هذه التظاهرة وسيلة لإحياء الثقافة الصحراوية وتثمينها في محيطها البيئي والاجتماعي والاقتصادي.
أقيمت في الدورة الثانية للموسم ألف خيمة تقليدية استعرضت نماذج الحياة اليومية للقبائل في الجنوب المغربي وعبرت عن روح التضامن الاجتماعي والاقتصاد التعاوني الذي يميز الحياة الصحراوية، كما نُظم خلالها سباق للجمال واستعراضات للخيالة شكلت لحظة جذب قوية للزوار الذين يتوافدون من داخل المغرب وخارجه لمتابعة عروض الفروسية التقليدية ومواكب الأزياء الصحراوية والحرف اليدوية التي تحاكي ماضي المنطقة.
يتجاوز دور الموسم الجانب الاحتفالي ليشكل منصة للحوار الثقافي والترويج السياحي والاقتصادي للمنطقة وهو ما يعزز حضور الجنوب المغربي في المشهد الثقافي الوطني والدولي، ويُعد تثبيت هذا الموسم في الأجندة الثقافية العالمية مدخلاً لاستدامة الموروث الحساني وتحويله إلى رافعة للتنمية المحلية الشاملة في جهة كلميم واد نون.
المصدر: ويكيبيديا