الدكتور يوسف الكاظم رئيس الاتحاد العربي للإعلام التراثي: السياحة التراثية ركيزة استراتيجية قادرة على تنويع الاقتصاد

أعرب الدكتور يوسف الكاظم، رئيس الاتحاد العربي للإعلام التراثي، عن أسفه العميق لما وصفه بـ”الفرصة الاقتصادية الضائعة” في قطاع السياحة التراثية بعدد كبير من الدول العربية، مشيرًا إلى أن هذا النمط من السياحة لا يزال مهمشًا على الرغم من الإمكانات الهائلة التي تختزنها المدن والمواقع الأثرية، وما يمكن أن تدرّه من عوائد اقتصادية مستدامة، لو توفرت لها البنية التحتية الملائمة ووعي مجتمعي داعم.
وأكد الكاظم، في تصريح صحفي، أن السياحة التراثية تمثل ركيزة استراتيجية قادرة على تنويع الاقتصاد، ودعم المجتمعات المحلية، وتعزيز الهوية الوطنية، لكنها تعاني في الواقع من ضعف الاستثمار، وانعدام التنسيق بين الجهات المختصة، إلى جانب غياب رؤية واضحة لاستثمار هذا المورد الثقافي.
وأوضح الكاظم أن أبرز التحديات التي تواجه هذا القطاع تتمثل في تردي حالة البنية التحتية في العديد من المناطق التاريخية، بدءًا من رداءة الطرق المؤدية إلى المواقع التراثية، ومرورًا بنقص الخدمات السياحية الأساسية مثل الإرشاد، والإيواء، والتجهيزات التفاعلية الحديثة، وانتهاءً بضعف الحملات الترويجية التي تضع هذه المواقع على خارطة السياحة الإقليمية أو الدولية.
وأضاف أن كثيرًا من المواقع التي تمتلك قيمة أثرية وإنسانية عالمية تفتقر حتى لأبسط أدوات الحماية والصيانة، مما يؤدي إلى تآكلها بمرور الزمن، ويحد من قدرة الزوار على التفاعل الإيجابي معها.
وشدد الكاظم على أن المشكلة لا تتوقف عند البنية التحتية، بل تمتد إلى ما هو أعمق، وهو غياب الوعي لدى قطاعات واسعة من المجتمعات المحلية بأهمية السياحة التراثية كرافعة اقتصادية حقيقية.
وأشار إلى أن بعض السكان في المدن القديمة أو المناطق الريفية ينظرون إلى المواقع الأثرية على أنها عبء، وليست فرصة تنموية، مؤكدًا أن هذا الفهم القاصر ينعكس في الممارسات اليومية، التي قد تتضمن التعدي على المواقع، أو استخدامها بطرق لا تتماشى مع قيمتها التاريخية، دون إدراك للعائد الممكن تحقيقه من الحفاظ عليها وتوظيفها بشكل مدروس.
ودعا الكاظم إلى ضرورة إطلاق برامج توعية متكاملة تستهدف المجتمعات المحلية، بالتوازي مع إعداد خطط تطوير شاملة للبنية التحتية في المناطق التراثية، على أن تتم إدارتها وفق منظور مستدام يوازن بين الحفاظ على الموروث، وتحقيق التنمية الاقتصادية، كما طالب بتمكين الإعلام المتخصص في الشأن التراثي، وإشراكه في إبراز النجاحات المحتملة لهذا القطاع إذا ما حظي بالاهتمام اللازم من صناع القرار.
وختم الكاظم تصريحه بالتنبيه إلى أن خسارة السياحة التراثية لا تعني فقط إهدار فرصة اقتصادية، بل فقدان أداة فاعلة لتعزيز الانتماء الوطني والتبادل الثقافي، مؤكدًا أن الوقت لا يزال متاحًا لتصحيح المسار إذا تضافرت الجهود.