الدكتور يوسف الكاظم رئيس الاتحاد العربي للإعلام التراثي: التمسك بالتراث يعزز مستقبل الهوية العربية

شدّد الدكتور يوسف الكاظم، رئيس الاتحاد العربي للإعلام التراثي، على أن بناء مستقبل قوي ومستقل لا يمكن أن يتم دون الحفاظ على جذور الهوية الثقافية، وقال إن التراث يشكّل الذاكرة الجماعية الحقيقية للشعوب، لأنه يحمل في مكوناته اليومية ما يميز كل مجتمع عن غيره، ويجعل لكل أمة خصوصيتها في ظل عالم يتجه نحو التماثل والتشابه والانفصال عن الموروث.
ورأى الكاظم أن أهمية التراث لا تقتصر على الجوانب الرمزية أو الفنية، بل تتجاوز ذلك إلى دوره في الحفاظ على تماسك المجتمعات وتحديد ملامحها الثقافية والتاريخية.
وأوضح أن الأزياء التقليدية، والحرف اليدوية، والعادات الاجتماعية، والموسيقى، والفنون الشعبية، تمثل في مجموعها خارطة دقيقة للهوية التي تشكّلت عبر قرون، وأن طمس هذه العناصر يعني تفكيك الشخصية الجماعية للشعوب وتحويلها إلى كيانات متشابهة بلا جذور واضحة.
وأشار إلى أن مسؤولية حماية التراث لا تقع فقط على المؤسسات الرسمية، بل يجب أن تكون جزءًا من وعي المجتمع، وخصوصًا الشباب، الذين ينبغي أن يدركوا أن كل تفصيلة من تراثهم تمثل رسالة من الماضي تساعدهم على فهم الحاضر وصناعة المستقبل.
وأضاف أن هناك ضرورة عاجلة لإعادة تقديم الموروث العربي بأساليب تتناسب مع العصر، عبر الوسائط الرقمية، والمنصات التفاعلية، والألعاب، والقصص المصورة، حتى لا يبقى التراث محصورًا في المتاحف والكتب الأكاديمية.
وأكد الكاظم أن المجتمعات التي تتخلى عن ذاكرتها تفقد بوصلتها، وأن التقدم الحقيقي لا يتم بنسخ تجارب الآخرين، بل بالاستناد إلى الخصوصية المحلية، وقال إن الكثير من الدول الناجحة اقتصاديًا وثقافيًا حافظت على هويتها، ولم تتخل عن موروثها، بل طوّعته ليكون جزءًا من منظومتها التنموية، وهذا ما يجب أن يُحتذى به عربيًا.
ودعا الكاظم إلى تفعيل دور الإعلام في بناء الوعي التراثي، من خلال محتوى واقعي وعصري يصل لكل بيت، ويربط الأجيال الجديدة بثقافتها الأصلية، ولفت إلى أن الهوية الثقافية العربية تواجه تحديات كبيرة، تبدأ من العولمة الثقافية وتنتهي عند محاولات التشويه أو التذويب، وهو ما يفرض التحرك العاجل لحمايتها عبر مشاريع مستدامة وشراكات مجتمعية ومؤسسية.