سجلت السعودية في عام 1443هـ الموافق 2021م فن الخط العربي ضمن قائمة التراث الثقافي غير المادي لدى منظمة اليونسكو، ضمن ملف مشترك مع 15 دولة عربية، بوصفه ممارسة فنية متوارثة تعبّر عن الهوية اللغوية والثقافية المشتركة، ويُعد الخط العربي في السعودية من الفنون الراسخة التي ترتبط باستخدام اللغة في مجالات متعددة، كما يمثل جانبًا جوهريًا من الهوية الوطنية، ويظهر حضوره اليومي في مختلف التعاملات الرسمية والتعليمية والدينية والثقافية، مما يعكس دوره المستمر في تشكيل الوعي اللغوي والبصري للمجتمع.
ويُمارس الخط العربي في السعودية باعتباره فنًا بصريًا إلى جانب كونه وسيلة للتواصل، إذ تُكتب به الآيات القرآنية والنصوص الرسمية والوثائق الحكومية والمخطوطات التاريخية واللوحات الفنية، ويُدرّس في المدارس والجامعات، وتُنظم له مسابقات وفعاليات تثقيفية تهدف إلى تعزيز قيمته بين الأجيال الجديدة، كما يسهم في إبراز الجماليات اللغوية من خلال تنوع أنواعه، مثل النسخ والرقعة والديواني والثلث والفارسي، وهي أنماط مختلفة تختلف في أسلوبها ودقتها واستخداماتها اليومية.
ويحظى الخط العربي بمكانة بارزة في السعودية، حيث يُستخدم في تصميم الشعارات والهويات البصرية للجهات الرسمية، ويُدمج في المنتجات الفنية والهندسية والديكورات المعمارية، ما يمنحه طابعًا معاصرًا إلى جانب أصالته التاريخية، وقد أطلقت وزارة الثقافة عددًا من المبادرات لتوثيق هذا الفن وتنميته، مثل “عام الخط العربي” الذي خُصص عام 2020م للاحتفاء به، وشمل تنظيم معارض وورش تدريبية ومسابقات محلية ودولية، وشراكات مع فنانين ومصممين لإعادة تقديم الخط العربي ضمن رؤية فنية حديثة.
ويُعد تسجيل الخط العربي في قائمة التراث غير المادي دعمًا لمكانته الرمزية في الثقافة السعودية، وجهدًا لحمايته من التراجع في ظل الاعتماد المتزايد على الوسائل الرقمية والكتابة بالحروف اللاتينية في بعض المنصات، ما يجعل من الضروري ربط الأجيال الجديدة به وتعزيز ممارسته بوسائل مبتكرة تضمن استمراريته وفاعليته، خصوصًا في ظل ما يتمتع به من مرونة وقدرة على التطويع الفني والبصري.
ويستمر الخط العربي في السعودية كوسيلة للتعبير الثقافي والبصري، ويمثل اليوم أداة ربط بين الماضي والحاضر، كما يُعد من أبرز رموز اللغة العربية التي تعكس الشخصية الثقافية واللغوية للمملكة، ويسهم بقوة في بناء الهوية البصرية للمدن والفعاليات، مما يجعله عنصرًا حيًا من عناصر الذاكرة المجتمعية والمعمارية والفنية.
المصدر: saudipedia