سجّلت المملكة الصقارة ضمن قائمة التراث الثقافي غير المادي عام 1432هـ/2011م، بالتعاون مع عدد من الدول الخليجية والعربية والعالمية، حيث تم الاعتراف بها كفن عريق يجمع بين المهارة والخبرة والتراث، ويعتمد على تربية الطيور الجارحة وتدريبها على الصيد، كما يمثل جزءاً حيوياً من ذاكرة المجتمعات البدوية والصحراوية التي ارتبطت بالصيد كوسيلة عيش ومصدر فخر بين القبائل.
انطلقت الصقارة من البيئة الطبيعية في الجزيرة العربية، حيث شكّلت الصحراء بامتدادها الجغرافي ومساحتها الواسعة بيئة مثالية لممارسة هذا النوع من الصيد، وتوارث الصقّارون هذا الفن جيلاً بعد جيل، فكان الأب يعلّم أبناءه أسرار تربية الصقور، وطرق تدريبها، والتعامل معها بلغة التفاهم التي تجمع بين الحزم والرحمة.
وتبدأ رحلة الصيد عادة في شكل مجموعات من الأصدقاء أو أفراد العائلة، يتنقلون في الصحراء لعدة أيام أو أسابيع، ويقضون أوقاتهم في تتبع الطرائد واستعراض مهارات الصقور في التحليق والمطاردة.
تُعرف الصقارة محلياً أيضاً باسم “البيزرة”، وتعد أكثر من مجرد هواية أو رياضة، بل نمط حياة له طقوسه وقواعده وتقاليده، وتُعد الطيور المستخدمة في الصقارة مثل الشاهين والحر من أغلى الطيور وأعلاها قيمة بين المهتمين بهذا الفن، وتُخصص لها عناية طبية وغذائية دقيقة، كما تُنقل في صناديق مخصصة وتُجهّز بكل ما تحتاج إليه من أدوات وتجهيزات لضمان سلامتها وأدائها العالي في رحلات الصيد.
تحتضن المملكة عدداً من اللقاءات والفعاليات والمهرجانات السنوية التي تُنظم خصيصاً لعشاق هذا التراث، حيث يُعرض فيها أجمل أنواع الصقور، وتُقام مسابقات لأفضل طير وأسرع صيد وأجود تدريب، كما تُمنح الجوائز والدروع للمتفوقين، مما يعزز من استمرار هذا الفن ويجعله حاضراً بقوة في المشهد الثقافي السعودي المعاصر، ويدعم قيم الحفاظ على التراث المشترك بين شعوب الخليج والمنطقة العربية.
تحرص جهات سعودية متعددة على توثيق هذا التراث ودعمه، سواء من خلال التعليم أو الإعلام أو إدراجه ضمن المناهج التربوية والبرامج الثقافية، وذلك لضمان نقله للأجيال الجديدة دون أن يفقد هويته الأصلية.
وتمثل الصقارة اليوم حلقة وصل بين الماضي والحاضر، كما تؤكد أهمية حماية التراث غير المادي الذي يشكل ركيزة من ركائز التنوع الثقافي في المملكة.
المصدر: saudipedia