بدأ طبق المندي في الأصل داخل مناطق حضرموت جنوب اليمن، ثم شق طريقه نحو المملكة العربية السعودية ليصبح جزءًا ثابتًا من مائدة المناسبات والولائم الرسمية والعائلية، حيث ارتبط بعادات الكرم والضيافة، واحتل مكانة بارزة بين الأكلات الشعبية في الخليج، إلى أن تحول مع مرور الوقت إلى رمز من رموز المطبخ السعودي الذي يحرص على تقديمه في جميع المناسبات الكبرى والأعياد الوطنية والأعراس والمآدب الخاصة.
اعتمد المندي منذ ظهوره على طريقة طهي فريدة لا تزال تُستخدم حتى اليوم في بعض المناطق، حيث يُطهى اللحم والأرز داخل حفرة تحت الأرض أو في تنور تقليدي مغلق، مما يكسب المكونات نكهة مدخنة مميزة تختلف عن سائر الأطباق الأخرى، ويُفضل عادة استخدام لحم الضأن لطراوته وسهولة نضجه بهذه الطريقة، بينما يفضل آخرون الدجاج أو حتى لحم الجمل في بعض المناطق الجنوبية.
تُستخدم في تحضيره أنواع محددة من البهارات التي تضاف بكميات محسوبة حتى لا تطغى على النكهة الأصلية للحم، وتشمل عادةً الهيل والقرنفل والقرفة والفلفل الأسود والزعفران والملح، ويضاف الأرز البسمتي بكمية مناسبة ليأخذ طعم اللحم دون أن يفقد قوامه، ويغلب على ألوان المندي اللون الأصفر أو الذهبي الناتج عن استخدام الزعفران أو الكركم.
وتميز طبق المندي بمرونته في التنقل بين الدول دون أن يفقد طابعه الأصلي، حيث انتشر في معظم دول الخليج مثل الإمارات والبحرين والكويت وقطر، كما انتقل إلى بعض دول الشام والقرن الأفريقي نتيجة السفر وتبادل الثقافات، وفي كل منطقة تكيف مع الأذواق المحلية مع المحافظة على جوهره الأساسي كطبق يعتمد على الأرز واللحم المشوي بطريقة غير مباشرة.
ويرتبط المندي بالمناسبات الرسمية والدينية والاجتماعية، إذ لا تخلو منه موائد عيد الفطر وعيد الأضحى، ويُحضّر أيضًا في الولائم الجماعية والضيافات القبلية والمناسبات الوطنية، ويُنظر إليه باعتباره تعبيرًا صريحًا عن الكرم، لذلك يُعد بكميات كبيرة ويُقدَّم على أطباق واسعة يتشاركها الجميع، بما يعكس ثقافة جماعية تحترم الطقوس والعادات المرتبطة بالطعام.
ورغم ظهور أصناف عديدة مستوحاة من المندي، مثل الزربيان والكبسة والمظبي، إلا أنه حافظ على موقعه بوصفه طبقًا تراثيًا يمثل الجذور اليمنية والحضور السعودي، ويجمع بين الأصالة والبساطة، ويُعد مثالًا واضحًا على قدرة الأكلات الشعبية على الانتشار دون أن تفقد ارتباطها بهويتها الأصلية.
المصدر: ويكيبيديا