عبدالرحمن البسيوني الأمين العام للاتحاد العربي للإعلام التراثي: التراث مورد حيوي إذا أُحسن توظيفه وليس عبئًا ثقافيًا جامدًا

أكد عبدالرحمن البسيوني ، الأمين العام للاتحاد العربي للإعلام التراثي، أن تعليم التراث داخل المدارس يمثل أحد المفاتيح الأساسية لتكوين وعي ثقافي أصيل لدى الأجيال الجديدة، مشددًا على ضرورة إدماجه ضمن المناهج الدراسية بطرق تفاعلية تواكب متغيرات العصر وتستجيب لاهتمامات الطلبة، بعيدًا عن الأساليب التقليدية التي تفقد المحتوى قيمته وتأثيره.
وشدد البسيوني على أن التراث العربي ليس فقط رصيدًا من الصور القديمة أو الحكايات الشعبية، بل هو بنية حضارية متكاملة تعكس القيم والتقاليد والمعرفة التي شكلت هوية المجتمعات العربية على امتداد التاريخ، مؤكدًا أن التعامل معه يجب أن يكون ضمن رؤية شاملة تسعى لإعادة ربط الإنسان بمحيطه الثقافي، وإشراكه في حمايته وتطويره باعتباره جزءًا من مستقبله وليس فقط من ماضيه.
وأوضح أن غياب التراث عن المناهج الدراسية أضعف علاقة الأجيال الناشئة بمكوناتها الثقافية، وأدى إلى فراغ معرفي ساهم في ضعف الانتماء وتراجع الإحساس بالهوية، مشيرًا إلى أن الخطوة الأولى نحو بناء وعي ثقافي متماسك تبدأ من المدرسة، ومن خلال معلمين مؤهلين يمتلكون أدوات التعليم الحديثة والقدرة على تبسيط المفاهيم وتحويل التراث إلى تجربة حية داخل الصف الدراسي.
ودعا إلى إعادة النظر في محتوى المواد الثقافية المقدمة في المراحل الابتدائية والإعدادية، وتطوير مناهج جديدة تعتمد على التفاعل والأنشطة الميدانية، وتوظيف الوسائط الرقمية والمرئية، مثل التطبيقات التعليمية، والقصص التفاعلية، والمعارض المدرسية، والرحلات الثقافية، معتبرًا أن هذه الأدوات تخلق بيئة تعليمية محفزة وتزيد من ارتباط الطفل بتراثه بطريقة طبيعية وعملية.
كما طالب البسيوني بتكامل جهود وزارات التعليم والثقافة والإعلام في إعداد برامج وطنية وإقليمية لتعزيز الوعي التراثي داخل المدارس، من خلال مسابقات ومبادرات وأنشطة تشاركية تُشرك الأسرة والمجتمع المحلي، وتمنح التراث مساحة حقيقية داخل المنظومة التربوية، بدلاً من الاكتفاء بالاحتفاء به في مناسبات موسمية عابرة.
وختم تصريحه بالتأكيد على أن التراث ليس عبئًا ثقافيًا جامدًا بل مورد حيوي إذا أُحسن توظيفه، وأن تحصين الأجيال القادمة ضد الانقطاع الثقافي يبدأ من المدرسة، ومن محتوى دراسي يتعامل مع التراث كرافعة للهوية والانتماء والإبداع، لا كمادة موروثة تُحفظ دون أن تُفهم أو تُمارس.