الجمعة 1447/02/21هـ (15-08-2025م)
الرئيسية » جولة في التراث » الكويت » مرئي » المعالم التاريخية » تصاميم مساجد الستينيات بالكويت تعكس روح العمارة العثمانية

تصاميم مساجد الستينيات بالكويت تعكس روح العمارة العثمانية

تميّزت فترة الستينيات في دولة الكويت بطفرة معمارية واضحة، خاصة على مستوى بناء المساجد، حيث شهدت البلاد تشييد ما يقرب من 68 مسجدًا في تلك المرحلة، اتسمت أغلبها بطراز معماري مستوحى من المدارس العثمانية القديمة، ممزوجة بروح العمارة المحلية لبيئة الكويت. وقد كان للمهندس التركي عبد القادر الطاي دور بارز في صياغة الملامح الفنية لهذه المساجد، إذ استلهم خطوطها العامة وتفاصيلها الدقيقة من المساجد العثمانية العريقة ومساجد “الديرة” القديمة، ما منحها هوية بصرية خاصة لا تزال حاضرة في وجدان من عاصر تلك الحقبة.

ساهم الباحث محمد سليمان النفيسي في توثيق هذا التراث المعماري القيم، من خلال بحث موسّع نشره في مجلة الكويت عام 1977، قسم فيه مساجد الستينيات إلى أربعة نماذج معمارية رئيسية. النموذج الأول تمثل في المساجد ذات قاعات الصلاة المستطيلة، وتضم قبة نصف كروية بيضاء اللون تتوسط قاعة الصلاة وتعلوها ثمانية أعمدة، كما يحيط بالمحراب ست نوافذ مستطيلة بثلاث عن يمينه وثلاث عن يساره، وتتميز شبابيك القبة بزجاج معشق ملون يضفي بعدًا جماليًا خاصًا من خلال انعكاسات أشعة الشمس. ومن أبرز أمثلة هذا النموذج مسجد الإمام أحمد بن حنبل في الفيحاء ومسجد شيخ الإسلام ابن تيمية في الشامية.

أما النموذج الثاني، فيتسم ببساطته من حيث المساحة والتكوين، فقاعة الصلاة صغيرة الحجم والمئذنة مغطاة ببدن محدب أو مقبب، وتحتوي على طاقة تهوية وإنارة طبيعية، ومن بين أمثلته مسجد في الرميثية قطعة 7. في حين يبرز النموذج الثالث بلمسته التركية الأصيلة، حيث تأخذ المئذنة شكل “القلم الرصاص” الذي يعد من أبرز السمات البصرية للمآذن العثمانية، وتعلوها شرفة سداسية مزيّنة بطواقي صغيرة، وتُبنى القاعة على دعامات متصلة بالقبة من الجهات الأربع، وهو ما يتجلى بوضوح في مسجد العدساني في كيفان.

أما النموذج الرابع، فهو الأكثر عددًا، حيث بلغ عدد مساجده 38، وتتميز مآذنه بالبساطة وقلة الارتفاع، فهي مثمنة الشكل من القاعدة وحتى القمة، كما أن قاعة الصلاة مربعة الشكل وتضم مدخلًا بثلاثة أبواب، ومن أبرز أمثلته مسجد خالد بن الوليد في المنصورية ومسجد عبد الله عبد المحسن الفارس في السالمية.

ورغم تفرد هذه المساجد المعمارية وتميّزها الفني، إلا أن عددًا منها قد تعرض للهدم في السنوات الأخيرة، مثل مسجد أبي هريرة في دسمان ومسجد سعد بن أبي وقاص في كيفان، وهو ما يدعو للقلق بشأن فقدان جزء من ذاكرة الكويت المعمارية والدينية. وتبرز اليوم مطالبات واسعة من المهتمين بالتراث المعماري بضرورة الحفاظ على ما تبقى من هذه المساجد، كونها تشكل حلقة مهمة في تاريخ المساجد في البلاد، وتمثل نموذجًا حيًا على تداخل الفن الإسلامي مع خصوصية البيئة الكويتية في تلك الحقبة.

المصدر: ويكيبيديا

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار