الجمعة 1447/02/21هـ (15-08-2025م)
الرئيسية » جولة في التراث » الكويت » مرئي » المعالم التاريخية » مسجد العتيقي بالكويت.. منارة تراثية في قلب المرقاب القديم

مسجد العتيقي بالكويت.. منارة تراثية في قلب المرقاب القديم

أسس محمد بن عبد الله بن يوسف بن سيف العتيقي مسجد العتيقي في عام 1310 هجريًا، الموافق لعام 1892 ميلاديًا، في منطقة المرقاب ضمن فريج المطران، ليكون أحد المساجد التراثية التي حملت في طابعها المعماري وأسلوب بنائها روح الكويت القديمة، وتعكس من خلال تفاصيلها الحرفية البسيطة مدى ارتباط الإنسان الكويتي في تلك المرحلة ببناء المساجد كمراكز للعبادة والتعليم والتواصل المجتمعي.

ومع مضي الزمن، تعرضت بعض جدران المسجد للتصدع، مما استدعى تجديده في عام 1340هـ/1921م على يد عبد الله بن محمد بن عبد اللطيف العتيقي وبمشاركة عبد العزيز الحمد العتيقي، حيث استمر استخدام الطين في البناء والخشب المحلي مثل الجندل في الأسقف، وهي مواد كانت شائعة في تلك الحقبة.

وتُظهر الصور الجوية للمنطقة في عام 1951 أن المسجد كان جزءًا من نسيج عمراني مترابط، حيث كانت المنازل المحيطة به ذات طابق واحد ومتصلة بواسطة ممرات ضيقة تُعرف بـ”السكيك”، وكان يلاصقه من الجهة الجنوبية عدد من المنازل، ما يفسر عدم وجود شبابيك أو مدخل من هذه الناحية، في حين احتوى المسجد على فتحات تهوية ومنارة قصيرة من جهة الشمال، تُصعد عبر درج مفتوح من فناء المسجد.

وفي عام 1370هـ/1952م، شملته حملة تجديدات قادتها دائرة الأوقاف، أسفرت عن هدم البناء الطيني واستبداله بجدران إسمنتية وأعمدة خرسانية، مع الحفاظ على عناصر البناء التقليدية، مثل الأسقف الخشبية، والأبواب والشبابيك الخشبية، واستخدام حجر الآجر الأصفر في الفناء، إلى جانب بناء منارة أعلى نسبيًا من القديمة في الجهة الشرقية، مما أعاد للمسجد هيبته ووظيفته الأساسية.

ومع ذلك، شهد المسجد خلال الفترات التالية إضافات غير مدروسة أثرت على طابعه التراثي، مثل إدخال وحدات التكييف عبر الشبابيك، وتغطية الفناء بألواح حديد معزول، وإخفاء كثير من زخارفه المعمارية، وتغيير ألوان الواجهات بما لا يتماشى مع نسق العمارة الأصلية.

وفي عام 1996، وبجهود مشتركة بين الأمانة العامة للأوقاف، ووزارة الأوقاف، وبلدية الكويت، والمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، اعتُبر مسجد العتيقي من بين المساجد التراثية ذات الأولوية في التوثيق والترميم.

وقد بدأت الأعمال الفعلية بعد مرحلة من الاختبارات الإنشائية عام 1997، لتنطلق أعمال التصميم والتنفيذ في عام 2000، وتُنجز بحلول منتصف 2001، مستهدفة الحفاظ على الهوية المعمارية الأصلية، حيث أُعيد تركيب الأسقف الخشبية التقليدية، واستُبدل السقف المعدني للفناء بسقف خشبي ذي مناور واسعة، كما أُظهرت الزخارف والنقوش الأصلية بعد خفض منسوب الأرض، وأُعيد فتح المدخل الشرقي بزخارفه الأصلية، واستُخدمت وحدات إضاءة مشابهة لتلك التي وُجدت في خمسينيات القرن الماضي.

وفي إطار التحديث الملائم للطابع التراثي، جرى تركيب نظام تكييف مركزي بالمياه المبردة، وُضعت معداته خارج نطاق المسجد ضمن التوسعة الجديدة، كما تم تغطية وحدات التكييف الداخلية بخشب يتناسب مع مظهر الشبابيك والأبواب، إلى جانب توسيع دورات المياه، وإنشاء غرف خاصة للإمام والمؤذن والقائمين على خدمة المسجد، بما يحقق التوازن بين الحفاظ على الموروث المعماري وتلبية الاحتياجات المعاصرة للمصلين.

المصدر: الراي

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار