الخميس 1447/02/27هـ (21-08-2025م)
الرئيسية » جولة في التراث » تونس » مرئي » المعالم التاريخية » جامع عقبة بن نافع.. درة القيروان التي تجسد العمارة الإسلامية العريقة

جامع عقبة بن نافع.. درة القيروان التي تجسد العمارة الإسلامية العريقة

جامع عقبة بن نافع.. درة القيروان التي تجسد العمارة الإسلامية العريقة

تُعد مدينة القيروان أحد أهم مراكز التراث الإسلامي في تونس، وقد نالت عام 1988 اعتراف منظمة اليونسكو باعتبارها مدينة تراث عالمي، لما تحويه من معالم دينية وتاريخية، في مقدمتها جامع عقبة بن نافع، الذي يمثل أحد أقدم الجوامع في شمال أفريقيا وأهمها من حيث القيمة المعمارية والرمزية الدينية.

أنشئ الجامع عام 50 هـ بأمر من القائد عقبة بن نافع، الذي أسّس القيروان لتكون قاعدة عسكرية للمسلمين، ومركزًا دينيًا وسياسيًا في إفريقية، وقد استمر بناء المدينة من سنة 51 هـ إلى 55 هـ، وكان المسجد الأعظم فيها هو أول ما تم تشييده.

تطور المعمار

لم يكن جامع عقبة بن نافع في بدايته بالشكل الذي هو عليه اليوم، فقد كان صغيرًا وبسيطًا في بنائه، تستند أسقفه مباشرة إلى الأعمدة دون أعمدة وسطيّة أو زخارف، لكن مع تطور العصور وتعاقب الدول، تطور البناء وازدهر.

ويعود الشكل الحالي للجامع في حجمه وطرازه المعماري أساسًا إلى فترة الدولة الأغلبية في القرن الثالث الهجري، أي في القرن التاسع الميلادي، حيث جرى توسيعه وإعادة تصميمه بشكل شامل.

وشهد الجامع في العهود اللاحقة، لاسيما في ظل الدولة الصنهاجية وبداية الحكم الحفصي، عمليات ترميم وصيانة واسعة، عززت بنيته وزخرفته.

وتبلغ مساحة الجامع الكلية حوالي 9700 متر مربع، منها مساحة كبيرة مخصصة لحرم الصلاة، وتستند أسقفه إلى مئات الأعمدة الرخامية، كما يضم صحنًا فسيحًا تحيط به الأروقة من جميع الجهات، ما يعزز الإحساس بالفخامة والاتساع.

منبر فريد

يقول شكري السالمي، عضو المجتمع المدني بالقيروان، إن جامع عقبة بن نافع لا يمثل فقط مكانًا للعبادة، بل يحتوي على كنوز معمارية وتاريخية فريدة، منها المنبر المصنوع من خشب الساج، والذي يعود إلى قرون طويلة، ويُعد أقدم منبر ما زال محافظًا على شكله الأصلي في العالم الإسلامي.

ويؤكد السالمي أن الجامع مبني بحجارة نفيسة، وأن تصميمه يعكس عبقرية المعماريين الذين ساهموا في بنائه وتطويره، مشيرًا إلى أن القيروان تضم ما يقرب من 300 مسجد، لكن جامع عقبة يبقى الأهم والأكبر رمزيًا ودينيًا وتاريخيًا، لدرجة أن بعض الفقهاء أطلقوا على المدينة لقب “رابعة الثلاث” في إشارة إلى مكة والمدينة والقدس.

خطة ترميم

أعلنت السلطات التونسية عزمها إطلاق مشروع ترميم وصيانة شاملة لجامع عقبة بن نافع خلال الفترة المقبلة، للحفاظ على هويته المعمارية وقيمته التاريخية، وتأتي هذه الخطوة في ظل تزايد الاهتمام المحلي والدولي بالمواقع التراثية، خاصة تلك التي تمثل العمق الحضاري الإسلامي لتونس وشمال أفريقيا.

وترتكز أعمال الترميم المرتقبة على إصلاح الأجزاء المتضررة من الجامع، وتعزيز بنيته التحتية دون الإخلال بطابعه الأصلي، بما يضمن بقاء الجامع معلمًا بارزًا ومفتوحًا للمصلين والزائرين على حد سواء.

يُصنف جامع عقبة بن نافع كواحد من أبرز التحف المعمارية الإسلامية، نظراً لتكامله المعماري ودقة تصميمه وثراء عناصره، ويظل شاهدًا على تطور العمارة الدينية في تونس ومرآة لقرون من التحولات السياسية والثقافية، ويستمر في جذب الزوار والباحثين والمهتمين بتاريخ الحضارة الإسلامية من مختلف أنحاء العالم.

المصدر: العين الإخبارية

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار