الأثنين 1447/01/12هـ (07-07-2025م)
التراث العمرانيقطاعات التراث

نجران وجهة سعودية تثري الذاكرة الثقافية والتراثية

تحتضن منطقة نجران في جنوب المملكة العربية السعودية إرثًا حضاريًا بالغ الثراء يمتد في أعماق التاريخ، ويمنحها مكانة متقدمة بين وجهات السياحة الثقافية في المملكة.

وتُعد نجران من أكثر المناطق التي حافظت على هويتها الأصيلة، إذ تنصهر فيها العراقة التاريخية مع التنوع الإنساني، ويظهر ذلك جليًا في معالمها الأثرية، وأسواقها التقليدية، وفنونها الشعبية المتجذرة، مما يجعلها مقصدًا بارزًا للزوار المحليين والدوليين الباحثين عن تجربة ثقافية متكاملة.

استعرضت الهيئة السعودية للتراث مؤخرًا عدد المواقع الأثرية المسجلة في نجران، والتي تجاوزت 186 موقعًا، من بينها موقع الأخدود التاريخي الشهير، الذي يقف شاهدًا على حضارات سكنت هذه الأرض منذ قرون، إضافة إلى منطقة حمى الثقافية، التي تحتوي على ما يزيد على 6400 نقش ورسم صخري، توثق الحياة البشرية منذ عصور ما قبل التاريخ، وقد تم إدراجها ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو في عام 2021، ما يعزز من أهمية هذه المنطقة على الصعيدين الثقافي والسياحي.

وتُعد المتاحف نقطة محورية في نقل ذاكرة المنطقة إلى الأجيال الجديدة، لا سيما متحف نجران الإقليمي، الذي يمتد على مساحة تتجاوز 20 ألف متر مربع، ويضم بين أجنحته تسلسلًا تاريخيًا لمراحل تطور المنطقة من العصور الحجرية إلى مرحلة التوحيد الحديث، مع تخصيص جناح خاص للقطع الأثرية والحرف اليدوية المحلية، وهو ما يعزز من ارتباط المجتمع المحلي بتاريخهم ويفتح نوافذ للزوار لفهم هذه الثقافة العميقة.

ولا تقتصر هوية نجران على المباني والمعالم، بل تتجلى أيضًا في فنونها الشعبية النابضة، مثل رقصة الزامل، والرازف، والطبول، التي تشكل جزءًا أصيلًا من الاحتفالات المحلية، وتُقدَّم ضمن الفعاليات الكبرى مثل مهرجان الجنادرية، ويصاحبها الشعر النبطي والأهازيج التراثية، ما يجعل منها مرآة حية لعراقة المجتمع البدوي وتقاليده المتوارثة.

وفي جانب الحِرَف، تحتفظ نجران بكنز من الصناعات التقليدية، أبرزها صناعة الجنابي، والحلي الفضية، والفخار، والنقش على الجلود، وهي حرف لا تزال تُمارس إلى اليوم وتلقى رواجًا واسعًا في الأسواق الموسمية، خصوصًا في الأعياد والمهرجانات، حيث تُعرض المنتجات في أسواق مفتوحة مثل سوق النساء وسوق الجنابي، ما يتيح فرصًا استثمارية حقيقية للحرفيين، ويدعم الاقتصاد المحلي من خلال توفير فرص عمل مستدامة للنساء والشباب.

وتعمل القرى التراثية المنتشرة في المنطقة على تعزيز هذه الصورة الغنية، من خلال عروض الفنون الشعبية والمأكولات التقليدية، وسط مبانٍ من الطين تعبّر عن العمارة القديمة وتقدم مشاهد نابضة بالحياة.

وفي هذا الإطار، أشار رئيس جمعية السياحة في نجران، إبراهيم آل منصور، إلى أن القطاع التراثي والثقافي في المنطقة يزخر بفرص نوعية في تطوير القرى القديمة وتحويلها إلى وجهات متكاملة تجمع بين الترفيه والمعرفة، وتلبي تطلعات الزوار والمستثمرين على حد سواء.

وأكد أن هذه الجهود تندرج ضمن مستهدفات رؤية المملكة 2030 التي تسعى إلى تحقيق تنمية ثقافية مستدامة، معتمدة على مقومات محلية حقيقية تشمل تنوعًا حضاريًا، وبنية تحتية متقدمة، وزخمًا متزايدًا في الإقبال على الفعاليات التراثية، وهو ما يجعل نجران في موقع متقدم لتصبح واحدة من أبرز الوجهات السياحية والثقافية والاستثمارية في المملكة، وبيئة مثالية للمبدعين والباحثين عن كنوز العمارة والتراث.

المصدر: أخبار 24

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى