مصر تنقذ دير أبو مينا الأثري وتعيده لقائمة التراث العالمي بعد عقود من الخطر

أعلنت مصر نجاحها في إنقاذ موقع دير أبو مينا الأثري بمدينة برج العرب بمحافظة الإسكندرية، بعد عقود من تعرضه لخطر الانهيار نتيجة ارتفاع منسوب المياه الجوفية، لتقرر لجنة التراث العالمي بمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “اليونسكو” رسميا رفعه من قائمة التراث العالمي المعرض للخطر، وإعادته إلى مكانته كأحد أندر وأهم المدن المسيحية التاريخية في العالم.
جاء القرار خلال اجتماعات الدورة السابعة والأربعين للجنة التراث العالمي بالعاصمة الفرنسية باريس، بعد مراجعة تقرير بعثة الرصد المشتركة بين مركز التراث العالمي والمجلس الدولي للمعالم والمواقع “إيكوموس”، والذي أكد اكتمال معايير الصون المطلوبة، خاصة نجاح المشروع الهندسي في خفض منسوب المياه الجوفية، ما أزال الخطر الذي ظل يهدد الموقع منذ إدراجه على القائمة عام 2001.
ويمثل دير أبو مينا، الذي يعود تاريخه إلى القرن الرابع الميلادي، أحد أقدم المزارات المسيحية في العالم، حتى لُقب في العصور البيزنطية بـ”القدس الثانية”، وكان وجهة للحجاج من مختلف بقاع الأرض، حيث نشأت المدينة حول قبر القديس مينا الذي اعتُقد بقدرته على صنع المعجزات، وظلت لقرون طويلة تحتفظ بمكانتها الروحية والتاريخية لدى المسيحيين المصريين والعالميين.
وتعرض الموقع منذ منتصف القرن الماضي لتدهور متزايد بسبب أنشطة الاستصلاح الزراعي والري بالغمر في محيطه، ما تسبب في تشبع التربة بالمياه وظهور تشققات وانهيارات جزئية، لتهدد هذه العوامل زوال المدينة الأثرية بكاملها، قبل أن تبدأ خطة إنقاذ شاملة عام 2019، شارك فيها خبراء من وزارات الري والزراعة والآثار، بالتعاون مع منظمة اليونسكو، عبر تنفيذ شبكة آبار وصرف متطورة تعمل على مدار الساعة لتصريف المياه بعيدا عن المنطقة الأثرية.
وشملت الخطة أيضا تطوير نظم الري في الأراضي الزراعية المجاورة باستخدام وسائل حديثة كالرّي بالتنقيط لتقليل التسرب، وإزالة جميع التعديات والإشغالات على مساحة ألف فدان حول الموقع، إلى جانب ترميم شامل للعناصر المعمارية من الكنيسة الكبرى إلى ساحة الحجاج، وتدعيم قبر القديس مينا بعمليات إنشائية دقيقة.
ويشير الخبراء إلى أن قرار اليونسكو جاء تتويجا لسنوات من العمل الميداني والرقابة المستمرة، حيث أثبتت أنظمة المراقبة نجاحها في ضمان استدامة الموقع، ما جعله مستوفيا لكافة المعايير الدولية للحفاظ على التراث. ويؤكد الأثريون أن إنقاذ دير أبو مينا لا يعني فقط الحفاظ على أحجار أثرية، بل إحياء لذاكرة روحية وتاريخية تعود إلى قرون مضت.
ومع خروج الموقع من دائرة الخطر، بدأت خطط لتطوير البنية التحتية وإحياء طريق الحج القديم الذي كان يربط بين أبو صير وأبو مينا عبر بحيرة مريوط، ليستعيد الموقع مكانته على الخريطة السياحية والدينية العالمية، ويعود وجهة للحجاج والزوار، وليظل شاهدا على قدرة التعاون بين الدولة والمجتمع والمنظمات الدولية في حماية التراث الإنساني.
المصدر: الجزيرة نت