عبد الرحمن البسيوني الأمين العام للاتحاد العربي للإعلام التراثي: الرقمنة والمهرجانات أدوات لحماية التراث العربي من الاندثار

أكد عبد الرحمن البسيوني، الأمين العام للاتحاد العربي للإعلام التراثي، أن المتاحف المفتوحة، والمهرجانات التراثية، وأدوات الرقمنة باتت تمثل اليوم عناصر محورية في معادلة الحفاظ على الإرث العربي، مشددًا على أن تلك الوسائل لا تكتفي بعرض الموروث الثقافي، بل تُعيد إحياءه وتقديمه للأجيال الجديدة بأساليب تفاعلية، قادرة على مجابهة تحديات النسيان والاندثار.
وأوضح البسيوني أن المتاحف المفتوحة تمثل نقلة نوعية في مفهوم العرض الثقافي، حيث تتيح للزائر التفاعل الحي مع التراث في سياقه الطبيعي، وتقدم محتوى يخرج من قاعات العروض المغلقة، إلى فضاءات مجتمعية أكثر انفتاحًا، وهو ما يعزز من اندماج التراث بالحياة اليومية، ويُقربه من وعي الجيل الجديد، بعيدًا عن النظرة الجامدة التي كانت تحصره في أطر التوثيق فقط.
وأشار إلى أن المهرجانات التراثية العربية، من الخليج إلى المغرب، باتت منصات فعالة لإبراز غنى الموروث الشعبي، بمختلف أشكاله من فنون أداء، وأزياء، ومأكولات، وحرف تقليدية، لافتًا إلى أن هذه الفعاليات تُعيد الاعتبار للهويات المحلية، وتمنحها حضورًا جماهيريًا واسعًا، ما يسهم في تعزيز الشعور الجمعي بالانتماء، ويحول الفلكلور من ذكرى إلى ممارسة حية، نابضة بالتفاعل والتقدير.
وبيّن أن الرقمنة، بما توفره من إمكانات توثيق مرئي وصوتي، ومكتبات إلكترونية، وتجارب افتراضية، أصبحت اليوم الوسيلة الأنجع للوصول إلى الجمهور الأوسع، مؤكدًا أن الاتحاد العربي للإعلام التراثي يولي هذا الجانب اهتمامًا خاصًا، من خلال مشاريع تهدف إلى بناء منصات رقمية تحتضن الأرشيفات التراثية وتقدمها بمحتوى جذاب وحديث، يسهل تداوله ومشاركته عبر مختلف المنصات الاجتماعية.
ولفت البسيوني إلى أن المستقبل يحمل فرصًا واعدة في هذا المجال، خاصة مع تطور تقنيات الواقع المعزز والذكاء الاصطناعي، التي يمكن توظيفها في إحياء الأسواق القديمة، والمحكيات الشفوية، وتصميم متاحف تفاعلية تعبر حدود الزمان والمكان، مطالبًا بضرورة دعم هذه الابتكارات ضمن استراتيجيات الثقافة والسياحة العربية، باعتبارها روافد متكاملة في حماية ذاكرة الأمة.
وختم تصريحه بالتأكيد على أن الحفاظ على التراث ليس مسؤولية المختصين وحدهم، بل مهمة جماعية تبدأ من المدرسة، وتمر بالإعلام، وتُتوّج بالمشاركة المجتمعية، داعيًا الجميع إلى الانخراط في حماية هذا الموروث الذي يشكّل روح الشعوب، وصلة وصلها بتاريخها وهويتها.