عبد الرحمن البسيوني الأمين العام للاتحاد العربي للإعلام التراثي يدعو لتوظيف التكنولوجيا لخدمة التراث العربي

شدّد عبد الرحمن البسيوني، الأمين العام للاتحاد العربي للإعلام التراثي، على ضرورة تبني أساليب مبتكرة في عرض التراث العربي، من خلال توظيف الأدوات الرقمية والتكنولوجية الحديثة، لضمان وصول هذا الموروث الثقافي إلى جمهور أوسع، مؤكدًا أن الرقمنة باتت أداة رئيسية لزيادة الانتشار العالمي للتراث، وتسهيل تواصله مع الأجيال الجديدة التي تتعامل مع المعلومة عبر الشاشات والمنصات الذكية.
وطالب بالتحول نحو الإنتاج التفاعلي للمواد التراثية، سواء عبر تطبيقات الواقع الافتراضي أو المتاحف الرقمية أو المعارض الافتراضية، موضحًا أن هذا النوع من المحتوى قادر على تجاوز العوائق الجغرافية واللغوية، كما يُسهم في تعزيز الانتماء والوعي بالهوية الثقافية، ويعيد تقديم التراث بطريقة تجذب المستخدم وتشاركه التجربة بدلًا من الاكتفاء بعرض تقليدي جامد.
وأشار إلى أن الاتحاد يعمل على تطوير منصات رقمية تهدف إلى توثيق التراث غير المادي، من أغانٍ شعبية وأمثال وحِرف وأساليب معيشة، حيث يجرى العمل على أرشفة هذه المكونات بلغة بصرية ومعلوماتية قادرة على مخاطبة المستخدم العصري، وتتناسب مع طبيعة الاستهلاك المعرفي الحديث الذي يعتمد على السرعة والدقة وسهولة التصفح.
ودعا إلى التعاون مع المؤسسات الأكاديمية والتقنية في العالم العربي، لتقديم برامج تدريبية متخصصة في توظيف التكنولوجيا لخدمة التراث، من خلال صناعة محتوى بصري جذاب يعتمد على السرد القصصي، وإنتاج أفلام وثائقية قصيرة، وتصميم ألعاب إلكترونية مستوحاة من الحكايات الشعبية والأساطير المحلية، بما يخلق رابطًا حيويًا بين المستخدم العربي وهويته.
ورأى أن التكنولوجيا لا تمثل خطرًا على التراث إذا أُحسن استخدامها، بل يمكن أن تُسهم في حفظه من الضياع، من خلال بناء قواعد بيانات مفتوحة ومتعددة اللغات، تتيح للباحثين والمهتمين الوصول إلى المواد التراثية بسهولة، مؤكدًا أن التحدي اليوم لم يعد في توافر المعلومات، بل في كيفية تقديمها بطريقة تحترم أصالتها وتضمن استمرارها.
وأكّد أن الاتحاد العربي للإعلام التراثي يسعى إلى تعميم تجربة الرقمنة في عرض التراث العربي في مختلف الدول الأعضاء، من خلال دعم المبادرات الشبابية، وتمويل المشاريع التي تستخدم تقنيات الذكاء الاصطناعي والواقع المعزز، والاشتغال على بناء محتوى عربي قادر على المنافسة عالميًا، دون التفريط في القيمة التاريخية والثقافية للمواد المعروضة.
واختتم بالتأكيد على أن الحفاظ على التراث لم يعد مسؤولية النُخَب الثقافية فقط، بل بات واجبًا جماعيًا يتطلب مشاركة فعالة من الإعلام والمؤسسات التعليمية وشركات التقنية، لضمان بقاء هذا الإرث جزءًا حيًا من المستقبل العربي، لا مجرد صفحة من الماضي تُعرض في المناسبات الرسمية ثم تُطوى.