عبدالرحمن البسيوني الأمين العام للاتحاد العربي للإعلام التراثي: التراث الثقافي غير المادي البصمة الحقيقية لهوية الشعوب

أكد عبدالرحمن البسيوني ، الأمين العام للاتحاد العربي للإعلام التراثي، أن التراث الثقافي غير المادي يمثل البصمة الحقيقية لهوية الشعوب، ومرآة تعكس عمقها التاريخي وتنوعها الاجتماعي، إلا أنه يعاني اليوم من خطر التآكل والنسيان بسبب غياب الاهتمام المؤسسي الجاد، وضعف الجهود في التوثيق والحماية.
وأوضح البسيوني أن الموروثات غير المادية مثل الحكايات الشعبية، الأغاني التراثية، طقوس الزواج، الأمثال العامية، والرقصات التقليدية، لطالما شكّلت عناصر حيّة في وجدان المجتمعات العربية، لكنها باتت مهددة بالاندثار نتيجة التغيرات المجتمعية، وسرعة العولمة، وغياب الدعم الكافي من الجهات الثقافية الرسمية.
وأشار البسيوني إلى أن بعض الدول العربية بدأت بالفعل في إطلاق مبادرات فردية أو مجتمعية تهدف إلى إنقاذ هذا الموروث من الزوال، مثل تسجيل الذاكرة الشفوية لكبار السن، أو إنشاء مهرجانات تحيي الفنون القديمة والطقوس الاحتفالية التقليدية، غير أن هذه الجهود ما تزال متناثرة، وغير مدعومة برؤية استراتيجية شاملة.
ولفت إلى أن أحد أبرز التحديات التي تواجه هذا النوع من التراث هو صعوبة تصنيفه وتوثيقه ضمن إطار مؤسسي، لأنه يعتمد غالبًا على الرواية الشفوية، والتعبيرات غير المادية التي يصعب حصرها أو قياسها، ما يجعلها أكثر هشاشة أمام الزمن والتغير.
وانتقد البسيوني ما وصفه بالضعف الإعلامي العربي في تناول قضايا التراث غير المادي، معتبرًا أن الإعلام يمكن أن يلعب دورًا محوريًا في إعادة إحياء هذا التراث، من خلال إنتاج محتوى ثقافي مرئي ومسموع يسرد قصص الأجداد، ويعرّف الأجيال الجديدة بجوانب من تاريخهم غير المدرسي، بما يسهم في ترسيخ الشعور بالهوية والانتماء، ودعا إلى توظيف الوسائط الرقمية والمنصات التفاعلية لتوثيق الحكايات الشعبية، وتسجيل الأغاني الفولكلورية، ونشر طقوس المناسبات التقليدية بطرق تحافظ على روحها الأصلية وتقدّمها بلغة العصر.
وشدد البسيوني على ضرورة إدراج ملفات التراث غير المادي ضمن خطط وزارات الثقافة والتعليم في الدول العربية، وتخصيص برامج تمويل للباحثين والمهتمين لتوثيق هذا النوع من التراث، بالتعاون مع اليونسكو والهيئات الدولية المعنية، كما دعا إلى إنشاء قواعد بيانات عربية مشتركة تُسجَّل فيها مظاهر هذا التراث، وتُتاح للباحثين والطلاب والمهتمين، بهدف ضمان استدامته ونقله إلى الأجيال القادمة كجزء أصيل من الهوية الثقافية العربية.