عبدالرحمن البسيوني الأمين العام للاتحاد العربي للإعلام التراثي: مشاركة الأجيال الجديدة عنصر حاسم في ضمان استمرارية الهوية الثقافية

دعا عبدالرحمن البسيوني ، الأمين العام للاتحاد العربي للإعلام التراثي، إلى ضرورة تمكين الشباب العربي من أداء دور فعّال في مشروعات الحفاظ على التراث، مؤكدًا أن مشاركة الأجيال الجديدة باتت عنصرًا حاسمًا في ضمان استمرارية الهوية الثقافية، وأن إشراكهم في عمليات التوثيق والحماية والترويج يمثل استثمارًا حقيقيًا في المستقبل الثقافي للمجتمعات العربية.
وأوضح البسيوني أن الاتحاد يرى في الشباب طاقة كبيرة يمكن تسخيرها لخدمة التراث من خلال مسارات متعددة تشمل العمل التطوعي والمشاركة في البرامج التدريبية وتقديم أفكار جديدة للتعريف بالموروث الثقافي، مبينًا أن التجارب الميدانية أثبتت أن الشباب قادرون على تحويل التراث إلى محتوى حي ومؤثر إذا أتيحت لهم الأدوات المناسبة والدعم المؤسسي المطلوب.
وأشار إلى أن الاعتماد فقط على النخب الأكاديمية أو المؤسسات الرسمية في إدارة شؤون التراث لم يعد كافيًا، وأن العصر الرقمي يفرض مقاربات جديدة تعتمد على إشراك فئات أوسع من المجتمع، خصوصًا الفئات الشابة، التي تملك المهارات الرقمية والقدرة على التواصل مع الجمهور عبر منصات حديثة، مؤكدًا أن كثيرًا من المبادرات الشبابية في بعض الدول العربية أثبتت قدرتها على إحداث أثر ملموس في التوعية بأهمية التراث، بل وتحقيق مردود اقتصادي من خلال السياحة الثقافية والمشروعات الإبداعية.
وأضاف أن الاتحاد يعمل حاليًا على إعداد برامج مخصصة لتدريب الشباب على مفاهيم حماية التراث والتوثيق والتسويق الثقافي، وأنه يسعى إلى عقد شراكات مع الجامعات والمعاهد والمنظمات الشبابية، بهدف دمج هذه الفئة في أنشطة عملية تُنمي معرفتهم وتفتح لهم آفاقًا مهنية مستقبلية في مجالات الثقافة والإعلام والسياحة، مشيرًا إلى أن الشاب الذي يشارك في ترميم مبنى تاريخي أو توثيق حرفة تقليدية، يكتسب إحساسًا بالمسؤولية والانتماء لا يمكن تحقيقه عبر المناهج النظرية وحدها.
وأكد البسيوني أن خلق جيل يؤمن بقيمة تراثه ويتعامل معه كجزء من حياته اليومية يتطلب توفير مساحات آمنة للتجريب والإبداع، وأن المؤسسات الثقافية مطالبة بإعادة النظر في آليات عملها بما يسمح باستقبال مقترحات الشباب وتمويل مشاريعهم، وعدم الاكتفاء بالأنشطة التقليدية التي غالبًا ما تكون بعيدة عن اهتماماتهم أو أساليبهم المعاصرة في التعبير.
وختم الأمين العام تصريحه بالتشديد على أن إشراك الشباب لم يعد خيارًا تكميليًا، بل ضرورة تفرضها التحولات الاجتماعية والتكنولوجية، داعيًا إلى بناء منظومات عمل تراثي مرنة، تستوعب الطاقات الجديدة وتستفيد من خبراتها الرقمية، وتضع الشباب في موقع الفعل، لا المتفرج، في معركة الحفاظ على الذاكرة العربية.