عبدالرحمن البسيوني الأمين العام للاتحاد العربي للإعلام التراثي: التمدّد العمراني يهدد هوية المدن التاريخية العريقة في العالم العربي

كشف عبدالرحمن البسيوني ، الأمين العام للاتحاد العربي للإعلام التراثي، عن تنامي المخاطر التي تتعرض لها المدن التاريخية في العالم العربي نتيجة الزحف العمراني والتوسع الإسمنتي الذي يطغى تدريجيًا على الطابع المعماري والتراثي الأصيل لتلك المدن.
وأكد البسيوني في تصريح صحفي أن بعض المدن العربية العريقة مثل فاس في المغرب، ودمشق القديمة في سوريا، وصنعاء القديمة في اليمن، أصبحت اليوم تواجه تحديات غير مسبوقة في الحفاظ على معالمها التاريخية وهويتها الثقافية، في ظل ضغوط التنمية الحضرية الحديثة وغياب سياسات توازن بين حماية التراث ومتطلبات النمو السكاني والعمراني.
وأشار البسيوني إلى أن كثيرًا من الحكومات العربية تتعامل مع المدن التراثية وكأنها أحياء سكنية قابلة لإعادة التخطيط وفق معايير المدن الحديثة، دون اعتبار لطبيعتها الفريدة وتكوينها العمراني الذي يعود لقرون.
هذا التوجه، بحسب قوله، أدى إلى طمس الكثير من الملامح الجمالية الأصيلة، بل وتسبب في تشققات وتصدعات في بعض المباني التاريخية نتيجة أعمال الحفر والإنشاءات القريبة منها، في ظل غياب رقابة صارمة أو استراتيجية متكاملة لصون التراث العمراني.
ودعا البسيوني إلى ضرورة تبني إطار قانوني ملزم لحماية المدن التراثية من التعديات العشوائية، وإلى إشراك خبراء التراث والعمارة التقليدية في أي مخطط تطوير أو توسعة يطال النسيج العمراني لتلك المدن، كما طالب بضرورة رفع الوعي المجتمعي بأهمية الحفاظ على هوية المدينة التاريخية بوصفها ذاكرة حية للأجيال، ومصدرًا غنيًا للسياحة الثقافية، موضحًا أن خسارة أي مبنى تقليدي هو خسارة لقصة تاريخية لا يمكن استعادتها.
وأضاف البسيوني أن الاتحاد العربي للإعلام التراثي يعمل حاليًا على توثيق الحالات الحرجة في عدد من المدن القديمة التي تشهد تحولات عمرانية خطيرة، وذلك من خلال فريق من الصحفيين والباحثين الميدانيين المتخصصين في التراث المعماري، وأكد أن هذه المبادرات تهدف إلى تشكيل قاعدة بيانات دقيقة تدعم جهود الضغط على الجهات المسؤولة لتبني سياسات أكثر حزمًا تجاه حماية التراث.
واختتم البسيوني تصريحه بتأكيده على أن الحفاظ على المدن التاريخية لا يعني وقف عجلة التنمية، بل يتطلب فقط تخطيطًا ذكيًا يوازن بين الحداثة والهوية، وقال إن فاس ليست مجرد مدينة مغربية، ولا دمشق مجرد عاصمة، بل هما شواهد حضارية لا تُقدّر بثمن، ومن الواجب العربي المشترك صونها من الضياع.