الأحد 1447/02/09هـ (03-08-2025م)
الأخبارالمركز الإعلامي

خالد خليل يحذر من زوال فنون العيطة والمالوف والطقطوقة في ظل غياب التوثيق والدعم

حذر خالد خليل، مؤسس الاتحاد العربي للإعلام التراثي، من الانحدار المتسارع الذي يهدد بقاء الفنون الموسيقية التراثية في العالم العربي، مؤكدًا أن فنونًا عريقة مثل العيطة المغربية، والمالوف التونسي، والطقطوقة الشامية لم تعد تجد من يغنيها أو يحافظ على تقاليدها الأصلية، وهو ما ينذر باندثارها في المستقبل القريب ما لم تتحرك المؤسسات الثقافية والإعلامية للحفاظ عليها وتوثيقها بوسائل حديثة قابلة للتداول والنقل عبر الأجيال.

وأوضح أن هذه الأنماط الموسيقية ليست مجرد ألوان غنائية، بل تمثل امتدادًا حيويًا لتاريخ الشعوب العربية وذاكرتها الاجتماعية، مؤكدًا أن غياب آليات التوثيق الفعالة أسهم في تراجع حضورها حتى في بلدانها الأصلية.

أشار خليل إلى أن فن العيطة في المغرب، الذي كان يُؤدى في المواسم والمناسبات الكبرى، بدأ يختفي تدريجيًا من الساحة الفنية، حيث لم يعد هناك اهتمام كافٍ من الشباب بتعلم هذا الفن المعتمد على الارتجال والمهارة الشفوية، في حين أن الفرق الشعبية التي كانت تؤديه لم تعد تجد جمهورًا يهتم بمضمونها، خاصة في ظل الانتشار الواسع للأنماط الموسيقية الحديثة التي تُنتج بسرعة وتُستهلك بشكل يومي دون جذور ثقافية واضحة.

وأكد أن الخطر لا يقتصر على هذا النوع فقط، بل يمتد إلى فن المالوف في تونس والجزائر وليبيا، والذي يُعد واحدًا من أرقى الفنون العربية المشتقة من الأندلس، مبينًا أن قلّة المشتغلين به حاليًا تعكس حجم الأزمة وضعف الجهد الرسمي لحمايته.

أكد خليل أن الطقطوقة الشامية التي ازدهرت في بيروت ودمشق منذ بداية القرن العشرين تعاني اليوم من غياب شبه تام عن المشهد الغنائي، مشيرًا إلى أن المكتبات الصوتية العامة لا تملك أرشيفًا كافيًا يوثق هذا اللون، كما أن الإذاعات الرسمية لم تعد تُعيره أي اهتمام ضمن برامجها، ما أسهم في تراجع معرفة الجيل الجديد به، رغم أن هذه الفنون كانت تُغنى يومًا ما على مسارح عربية كبرى وتحظى باهتمام الجمهور والنقاد.

طالب خليل بضرورة تأسيس مشروع عربي مشترك تحت إشراف الجامعة العربية أو المنظمات الثقافية الإقليمية، يهدف إلى توثيق هذه الأنماط الموسيقية بكل أشكالها، سواء من خلال تسجيلات رقمية عالية الجودة أو عبر إنتاج أعمال فنية جديدة تُعيد تقديمها بروح عصرية دون المساس بجوهرها الفني، ودعا إلى إشراك الإعلام التراثي في هذه المهمة، عبر إنتاج وثائقيات وإذاعات خاصة ترصد هذا التراث وتنقله بصيغ تحفظ هويته وتُعرّف الأجيال الجديدة بأصالته.

وشدد خليل على أن تجاهل هذا الملف سيقود إلى انقراض لا يمكن تعويضه، لأن هذه الفنون لا تُعلّم نظريًا، بل تُنقل من المؤدين إلى المتلقين في سياقات حياتية باتت مفقودة اليوم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار