خالد خليل مؤسس الاتحاد العربي للإعلام التراثي: الأسواق الشعبية والمدن القديمة تراث حي يتطلب الحماية والتوثيق

أكد خالد خليل، مؤسس الاتحاد العربي للإعلام التراثي، أن الأسواق الشعبية والمدن القديمة في العالم العربي يجب أن تُعامل كمواقع تراث حي لا كمجرد مراكز تجارية أو مناطق عشوائية قابلة للإزالة أو التغيير، مشيرًا إلى أن هذه المواقع تحمل في طياتها الذاكرة الجمعية للمجتمعات، وتعكس أنماط الحياة التي تشكلت عبر أجيال، من خلال المعمار الشعبي، والحرف اليدوية، والتقاليد اليومية، والتفاعل البشري الذي يصعب تكراره في أي بيئة حديثة.
وقال إن الكثير من هذه الأسواق لا تزال تحتفظ بتفاصيلها الأصلية التي تجمع بين الوظيفة التجارية والرمزية الاجتماعية، مثل طريقة توزيع المحال، وتصميم الممرات، وأساليب العرض، والأزياء، واللهجات، والروائح التي ترتبط بتاريخ المكان وخصوصيته.
دعا خليل إلى ضرورة تصنيف هذه المواقع كمناطق تراثية حية ضمن القوانين الوطنية وفي سجلات المنظمات الدولية المعنية بالتراث، بحيث تحصل على الحماية اللازمة من التعديات أو التغيير العشوائي، موضحًا أن العديد من المدن العربية القديمة فقدت معالمها الأصلية نتيجة مشاريع تطوير غير مدروسة أو تحولات اقتصادية سريعة لم تراعِ القيمة الثقافية للمكان.
وأكد أن الحفاظ على الأسواق لا يعني تجميدها أو تحويلها إلى متاحف، بل الاستمرار في استخدامها وتطويرها تدريجيًا دون المساس بجوهرها وهويتها.
أشار إلى أن مفهوم “التراث الحي” أصبح اليوم معتمدًا عالميًا في مقاربة التعامل مع المجتمعات التاريخية، حيث يُنظر إلى الأسواق القديمة باعتبارها أماكن تجمع بين التراث المادي واللامادي، وتُعد مراكز لنقل المعارف والمهارات والعلاقات الاجتماعية، وليس فقط مواقع بيع وشراء، مضيفًا أن الإعلام التراثي يمكن أن يلعب دورًا أساسيًا في إعادة تقديم هذه المواقع للجمهور، وتعزيز الوعي بقيمتها، وتسليط الضوء على تجارب الحفاظ الناجحة في عدد من الدول التي حولت أسواقها التقليدية إلى نقاط جذب ثقافية واقتصادية في الوقت ذاته.
أوضح خليل أن إدماج هذه الأسواق في السياسات السياحية والتعليمية والثقافية يعزز من مكانتها ويشجع السكان المحليين على المشاركة في صونها، خصوصًا أن هذه المواقع تمثل امتدادًا حقيقيًا للهوية الوطنية، وتقدّم صورة واقعية للحياة اليومية كما كانت، وتربط بين الأجيال من خلال الاستمرارية في التقاليد والعادات والمهن.
واختتم تصريحه بدعوة الحكومات والمجتمعات إلى التحرك نحو حصر وتوثيق وتصنيف الأسواق الشعبية والمدن القديمة بشكل رسمي، والعمل على تفعيل دور الإعلام التراثي في إبراز هذه المواقع باعتبارها ركيزة من ركائز الثقافة العربية الأصيلة.