خالد خليل مؤسس الاتحاد العربي للإعلام التراثي يحذر من اندثار العمارة الطينية في القرى العربية

كشف خالد خليل، مؤسس الاتحاد العربي للإعلام التراثي، عن تنامي المخاوف من اندثار العمارة الطينية التقليدية في عدد من القرى التاريخية الممتدة في اليمن والسعودية والجزائر، نتيجة الإهمال المتراكم، وقلة الوعي بأهميتها الحضارية، فضلًا عن غياب الخطط الجادة لحمايتها أو صيانتها في ظل التحول المتسارع نحو مواد البناء الحديثة.
وأوضح خليل، في تصريح صحفي، أن العمارة الطينية تمثل أحد أبرز أوجه الهوية الثقافية للمنطقة، بما تحمله من رمزية عميقة ترتبط بالمكان والإنسان والتاريخ، إلا أن التغيرات العمرانية الحالية تهدد هذا النوع من العمارة، وتجعله قاب قوسين أو أدنى من الزوال.
وشدد خليل على أن ما يميز العمارة الطينية في هذه المناطق ليس فقط جمالياتها المعمارية وبساطتها التي تنسجم مع البيئة، بل أيضًا قدرتها الفريدة على تحقيق التوازن المناخي داخل المنازل في المناطق الصحراوية، وهو ما يجعلها نموذجًا استثنائيًا للبناء المستدام قبل أن يصبح هذا المصطلح رائجًا في النقاشات المعمارية المعاصرة، إلا أن هذه الميزات لا تجد صدى كافيًا لدى الأجيال الجديدة، التي باتت تنفر من الطين وتُقبل على الأسمنت، ظنًا منها أن الحداثة تقترن بالشكل لا بالوظيفة أو الأصالة.
وأضاف خليل أن الاتحاد العربي للإعلام التراثي أطلق مؤخرًا حملة توثيق موسعة لرصد أوضاع القرى القديمة التي لا تزال تحتفظ بمبانٍ طينية، في مناطق مثل حضرموت في اليمن، وبلدة رجال ألمع في السعودية، وقرى السهوب في الجزائر، حيث تم تسجيل عدد من الحالات التي تعاني من تآكل جدران البيوت بفعل الأمطار والإهمال، إضافة إلى غياب برامج الترميم أو التدخل الرسمي للحفاظ على هذا الإرث.
وأشار إلى أن بعض السكان أنفسهم شرعوا في هدم منازلهم الطينية واستبدالها بأخرى إسمنتية، إما بسبب ضعف الموارد، أو لعدم قناعتهم بقيمة هذا النمط المعماري.
ودعا خليل إلى أهمية إشراك الإعلام والمجتمعات المحلية في خلق وعي جديد يعيد الاعتبار للعمارة الطينية كعنصر فني وثقافي وإنساني، مشيرًا إلى أن الصورة الذهنية عن “البيت الطيني” بحاجة إلى مراجعة تعزز من مكانته لا تسخر من بساطته.
كما شدد على أن الحكومات العربية مطالبة بوضع سياسات داعمة لتوثيق هذه المباني، وتوفير الدعم الفني والمالي للسكان الذين يرغبون في ترميم بيوتهم بدلًا من هدمها، لافتًا إلى أن التراث لا يمكن الحفاظ عليه بالشعارات، بل بالقرارات والإرادة.
واختتم خليل تصريحه بالتأكيد على أن إنقاذ العمارة الطينية هو إنقاذ لذاكرة الأوطان، وأن كل منزل ينهار تحت وطأة الإهمال، يعني ضياع فصل من كتاب التاريخ العربي، داعيًا المثقفين والإعلاميين والمهندسين إلى التعاون في هذا المسعى قبل فوات الأوان.