الدكتور يوسف الكاظم رئيس الاتحاد العربي للإعلام التراثي يحذر من خسارة الذاكرة الجماعية بسبب تجاهل صيانة المعالم

حذر الدكتور يوسف الكاظم رئيس الاتحاد العربي للإعلام التراثي خطورة الاستمرار في تجاهل ملف صيانة التراث العربي، مؤكدًا أن غياب الميزانيات الحكومية المخصصة لحماية وصيانة المعالم الأثرية يضع ذاكرة الشعوب على حافة الاندثار، ويمثل تهديدًا واضحًا للهوية الثقافية والمجتمعية في مختلف الدول العربية، مشيرًا إلى أن هذا الإهمال لا يتعلق فقط بالتمويل، بل يمتد إلى ضعف السياسات، وتراجع أولويات الجهات المعنية، وغياب الخطط المستدامة لحفظ المواقع التاريخية.
وأوضح الكاظم أن المعالم التراثية ليست مجرد هياكل عمرانية أو مواقع سياحية، بل هي سجل مفتوح لهوية الأمة ومكون أساسي في تاريخها وتنوعها الثقافي، لافتًا إلى أن خسارة أي معلم أثري تمثل خسارة لفصل من فصول السرد الحضاري، وأن ما نشهده من انهيارات جزئية أو اندثار كامل لبعض المواقع القديمة في أكثر من بلد عربي ليس إلا نتيجة حتمية لغياب التخطيط، وافتقار الإدارات المختصة إلى الإرادة الحقيقية للتدخل قبل فوات الأوان، حيث تتكرر مشاهد الإهمال والتخريب والتعديات دون تحرك رسمي جاد.
وانتقد رئيس الاتحاد ضعف التنسيق بين وزارات الثقافة والبلديات والآثار والسياحة في عدة دول، مؤكدًا أن التراث لا يجب أن يكون ملفًا ثانويًا أو احتياطيًا في الميزانيات الوطنية، بل يجب التعامل معه كأولوية سيادية تفرضها المسؤولية التاريخية والالتزامات الثقافية.
وقال إن التجارب العالمية الناجحة في حماية التراث قامت على شراكات قوية بين القطاع العام والخاص، بالإضافة إلى تعبئة الجهد المدني والإعلامي، داعيًا إلى تكرار نماذج التعاون تلك في الوطن العربي.
ودعا الكاظم إلى إطلاق مبادرة عربية شاملة تحت مظلة الجامعة العربية، تهدف إلى إعداد خريطة عاجلة للمواقع المهددة بالاندثار في كل دولة، ووضع خطط تمويل وتنفيذ عاجلة بالتعاون مع منظمات دولية مختصة مثل اليونسكو والإيسيسكو، مشددًا على أن الاستجابة لم تعد اختيارية، بل ضرورة ملحة لحماية ما تبقى من شواهد حضارتنا التي واجهت الحروب والإهمال والتغيير العمراني الجائر، والتي لن تصمد طويلًا ما لم يتغير الواقع الحالي.
واختتم تصريحه بالتأكيد على دور الإعلام التراثي في نقل هذه الرسائل إلى الرأي العام وصناع القرار، واصفًا الإعلام المتخصص بأنه جسر بين المجتمع وموروثه، وأن تعزيز هذا النوع من الإعلام بات ضرورة للتوعية وتحفيز التحرك الجماعي نحو حماية الهوية، موضحًا أن الاتحاد سيكثف في الفترة القادمة من جهوده في رصد وتوثيق المخاطر المحدقة بالمواقع التراثية في مختلف الأقطار العربية.