الدكتور يوسف الكاظم رئيس الاتحاد العربي للإعلام التراثي: الحرف العربية تحكي هوية أمة في نقوش الخشب والنحاس

أكد الدكتور يوسف الكاظم، رئيس الاتحاد العربي للإعلام التراثي، أن الحرف التقليدية العربية ليست مجرد صناعات يدوية أو منتجات سياحية، بل تمثل في جوهرها روايات متجذرة تنقل عبر تفاصيلها روح المكان والزمان، وتحمل في خطوطها المنقوشة على الخشب والنحاس والخيوط معاني عميقة ترتبط بالهوية الثقافية والاجتماعية للشعوب العربية عبر العصور.
وأوضح الدكتور الكاظم أن هذه الحرف، التي توارثتها الأجيال عبر مئات السنين، لا تزال تنبض بالحياة رغم ما تواجهه من تحديات العصرنة والتصنيع، مشيرًا إلى أنها ليست فقط وسيلة للتعبير الجمالي، بل وسيلة لحفظ التاريخ وتوثيق الذاكرة الجماعية، لما تحمله من رموز وأساليب وألوان تتنوع من بلد عربي إلى آخر، لكنها تتقاطع جميعًا في ارتباطها بالأرض والمجتمع والعقيدة.
وأشار في تصريحه إلى أن الخشب الذي يُنقش ليصنع أبواب المنازل القديمة، والنحاس الذي يُطرق ليكوّن أواني مطعّمة بالزخرفة الإسلامية، وحتى الخيوط التي تُغزل لصنع السجاد أو الأزياء التراثية، كلها تحمل في طياتها قصصًا غير منطوقة عن حياة الإنسان العربي، وأحلامه، وحكمته، وخصوصية بيئته، مبينًا أن هذه الحرف تعدّ مكوّنًا رئيسيًا في منظومة التراث الثقافي غير المادي، ويجب النظر إليها بوصفها ركيزة ثقافية واقتصادية وتنموية في آنٍ واحد.
ودعا الدكتور الكاظم إلى إعادة الاعتبار لهذه الحرف من خلال برامج إعلامية متخصصة تسلط الضوء على أصحابها، ومن خلال تنظيم معارض ومهرجانات داخل الوطن العربي وخارجه، لتعريف العالم بثقافة غنية تمثل أحد أهم روافد الحضارة الإنسانية، مؤكدًا أن الإعلام يلعب دورًا جوهريًا في تحويل هذه الحرف من مشاهد فولكلورية إلى مشاريع منتجة تسهم في دعم الاقتصاد المحلي، وتخلق فرص عمل، وتحفّز على الابتكار في إطار من الأصالة والهوية.
وأكد رئيس الاتحاد العربي للإعلام التراثي أن الحفاظ على الحرف التقليدية لا يجب أن يكون مجرد شعارات، بل يجب أن يترجم إلى سياسات واقعية، تتضمن تدريب الأجيال الجديدة، وتوفير منصات تسويقية رقمية، وربط الحرفيين بسلاسل القيمة، وتشجيع الباحثين على توثيقها بشكل علمي، ودمجها في المناهج التعليمية لتعزيز الوعي بها منذ الصغر.
واختتم الدكتور الكاظم تصريحه بالتأكيد على أن مستقبل الحرف العربية يكمن في المزج الذكي بين المهارة اليدوية والإبداع المعاصر، مع الحفاظ على الخصوصية الثقافية، مشيرًا إلى أن كل نقش أو تطريز أو منحوتة من هذه الحرف، ليست فقط قطعة فنية، بل وثيقة حياة تختزن ما لا تستطيع الكلمات وصفه، وتستحق أن تُصان بكل الوسائل المتاحة.