الدكتور يوسف الكاظم رئيس الاتحاد العربي للإعلام التراثي يحذر من اندثار القصص الشعبية الشفوية ويطالب بجمعها وتوظيفها

طالب الدكتور يوسف الكاظم، رئيس الاتحاد العربي للإعلام التراثي، بضرورة الالتفات العاجل إلى مصير القصص الشعبية الشفوية التي شكلت على مدى قرون جزءًا أساسيًا من الذاكرة الثقافية للمجتمعات العربية، مؤكدًا أن غياب هذه الحكايات عن المجالس والبيوت في العقود الأخيرة ينذر بخسارة غير قابلة للتعويض، لأنها تحمل القيم والعبر والرموز والأساليب التي شكّلت وعي الأجيال في مراحل مختلفة، وكانت الوسيط المعرفي الأول للأطفال والكبار قبل ظهور وسائل الإعلام الحديثة.
وأوضح رئيس الاتحاد العربي للإعلام التراثي، أن القصص الشفوية لا تنقل أحداثًا فقط، بل تنقل روح البيئة ومزاج المجتمع وتعكس تصوراته عن الخير والشر، والشجاعة والكرم، والخوف والعدل، مما يجعلها أكثر من مجرد ترفيه.
وأشار الكاظم إلى أن المجتمعات العربية فقدت تدريجيًا حلقات رواية القصص الشفوية مع تراجع دور المجالس واللقاءات العائلية الممتدة، وتغير أنماط الحياة التي باتت تعتمد على الشاشات والأجهزة، وابتعد الناس خلالها عن السرد الشفهي الذي كان يُروى بطريقة مباشرة تفاعلية تنقل المشاعر والنبرة والصوت والإيماءة.
وأضاف أن كثيرًا من الشخصيات الرمزية كـ “أمنا الغولة” أو “عنتر” أو “جحا” أو “ست الحسن” اختفت من ذاكرة الجيل الجديد، لأن هذه الشخصيات كانت تعيش فقط في الحكاية الشفوية، ولم يتم توثيقها في كتب أو تسجيلات مع كبار السن قبل رحيلهم، ما يعني أن جزءًا كبيرًا من هذا التراث اختفى بالفعل أو في طريقه إلى الزوال إذا لم يتم التحرك لحفظه.
ودعا الكاظم المؤسسات الثقافية والإعلامية في الدول العربية إلى إطلاق مشاريع لجمع القصص الشعبية من مختلف المناطق، بالتعاون مع المجتمعات المحلية والمراكز البحثية، مشددًا على أهمية تسجيل الحكايات من أفواه الرواة الأصيلين، لا الاكتفاء بإعادة كتابتها بصيغ جامدة.
وبيّن أن نقل هذه الحكايات إلى شكل معاصر يمكن أن يتم عبر تحويلها إلى أفلام رسوم متحركة، أو سلاسل قصصية للأطفال، أو حتى مسلسلات قصيرة، ما يعيد لها الحياة ويربط الأجيال الجديدة بمخزونهم الثقافي بطريقة ملائمة لعصرهم.
وأكد الكاظم أن الدول التي اهتمت بحكاياتها الشفوية استطاعت أن تبني محتوى إبداعيًا محليًا يشكل جزءًا من قوتها الناعمة، مستشهدًا بتجارب في دول آسيوية وأفريقية وأوروبية وظّفت القصص الشعبية في التعليم والإنتاج الإعلامي والمسرح المدرسي.
وأوضح رئيس الاتحاد العربي للإعلام التراثي، أن القصص التي كانت تروى في المجالس ليست مجرد تراث محلي، بل تمثل فرصة كبيرة لبناء سرديات وطنية قادرة على تعزيز الهوية والانتماء من خلال الحكاية لا عبر التلقين.