الأثنين 1447/01/12هـ (07-07-2025م)
التراث العمرانيقطاعات التراث

التراث الإيراني بين خطر الحرب ومسؤولية الحماية الدولية

واجهت إيران في الفترة الأخيرة تحديات كبيرة لحماية تراثها الثقافي في ظل تصاعد التوترات الإقليمية وزيادة احتمالات نشوب نزاع مسلح، حيث اتجهت السلطات الإيرانية لاتخاذ خطوات وقائية عاجلة تمثلت في إغلاق المتاحف والمواقع الأثرية ونقل المقتنيات الثمينة إلى أماكن آمنة، تماشيًا مع بروتوكولات الطوارئ وبهدف تجنب فقدان أو تدمير الممتلكات الثقافية التي تمثل جزءًا من تاريخ الإنسانية.

وأكد الدكتور عبد الرحيم ريحان، خبير الآثار وعضو لجنة التاريخ والآثار بالمجلس الأعلى للثقافة، أن هذه الإجراءات تتماشى مع اتفاقية لاهاي لحماية الممتلكات الثقافية أثناء النزاع المسلح، والتي وقعت عليها إيران منذ عام 1959.

كما أشار إلى أن الالتزام بهذه الاتفاقية يفرض على الدول الحفاظ على تراثها الثقافي وعدم استخدامه في الأغراض العسكرية أو تعريضه لخطر التدمير أو النهب.

وتمتلك إيران أكثر من 800 متحف و28 موقعًا مسجلًا ضمن قائمة التراث العالمي لمنظمة اليونسكو، وتضم هذه المواقع آلاف القطع الأثرية التي تعكس تنوع حضاراتها وتاريخها، ومنها المتحف الوطني الذي يحتوي على أكثر من 300 ألف قطعة، ومتحف طهران للفن المعاصر الذي يضم أعمالًا لفنانين عالميين بقيمة تقدر بثلاثة مليارات دولار، فضلًا عن مواقع تاريخية كبرسبوليس وأصفهان التي تحتوي على أكثر من 22 ألف مبنى أثري.

وأوضح الدكتور ريحان أن التراث الإيراني لا يقتصر على العصور القديمة بل يشمل آثارًا إسلامية ومسيحية ذات أهمية دينية وثقافية، مثل مرقد الإمام الرضا ومقام النبي دانيال وكاتدرائية “وانك” في أصفهان، إلى جانب متاحف السجاد والأنثروبولوجيا، وقصور ملكية وحدائق أثرية في مدن شيراز وكاشان.

كما طالب الدكتور ريحان بالاعتماد على التقنيات الرقمية الحديثة مثل تقنية “فوتو سكان” لتوثيق القطع الأثرية وإنشاء قواعد بيانات رقمية، مع إعداد مخابئ مؤمنة لتخزينها وتطبيق المادة 6 من الاتفاقية بوضع شارات مميزة على المواقع والمجموعات لحمايتها من القصف.

وأكد أيضًا على المادة 7 من اتفاقية لاهاي التي تتيح تكوين وحدات متخصصة ضمن القوات المسلحة لمراقبة الممتلكات الثقافية، والمادة 23 التي تتيح طلب الدعم من اليونسكو لتوفير الخبرات والمساعدة في حماية المواقع المعرضة للخطر.

وأشار إلى أن البروتوكول الثاني للاتفاقية يمنح حماية معززة للممتلكات الثقافية بشرط عدم استخدامها في الأعمال العسكرية ووجود تشريعات وطنية كافية لحمايتها، كما نص على حظر استهدافها أو استغلالها أثناء النزاع، واعتبر أي انتهاك لهذه الحماية جريمة تخضع للمحاسبة الدولية، خصوصًا في حال تعمد الاعتداء أو التدمير أو النهب.

وختاما، اعتبر الدكتور ريحان أن دور المنظمات الدولية لا يقل أهمية عن دور الدول، حيث تشترك منظمات مثل “اليونسكو”، و”الإيسيسكو”، و”الألكسو” في مسؤولية حماية التراث الإنساني عالميًا، ولها الحق في التدخل والمراقبة والضغط القانوني لمنع انتهاك الاتفاقيات الدولية الخاصة بالتراث الثقافي.

المصدر: أخبار اليوم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى