الإمارات تعيد إحياء القصص الشعبية التراثية بالضوء الرقمي

سعت شخصيات ثقافية إماراتية إلى إعادة إحياء القصص الشعبية التراثية بوسائل عصرية تستند إلى تقنيات الذكاء الاصطناعي والمسرح التفاعلي والمنصات الرقمية، وذلك بهدف جعل هذا الموروث الثقافي جزءاً من حياة الأجيال الجديدة، ومصدرًا للهوية والانتماء، بعدما ابتعد عنه الأطفال بسبب إيقاع العصر السريع واحتلال المحتوى الرقمي للمنصات.
أكد الباحث أحمد الكتبي، المتخصص في دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي مع التراث القصصي، أن القصص الشعبية الإماراتية تتمتع بعمق إنساني، وتحمل قيمًا أخلاقية وهوية وطنية واضحة، مشيرًا إلى أنها تمتلك عناصر التشويق والخيال التي تجعلها مناسبة تمامًا لإعادة تقديمها من خلال الفيديوهات القصيرة والمشاهد المصممة رقمياً.
واعتبر أن توظيف منصات مثل “تيك توك” و”إنستغرام” يساعد في توصيل الرسائل التراثية إلى الأطفال والناشئة، خاصة إذا تم استخدامها بأسلوب تفاعلي يثير اهتمامهم.
وأوضح الكتبي أن أدوات الذكاء الاصطناعي تتيح بناء صور وسيناريوهات بصرية تعكس تفاصيل القصص القديمة، وتعيد صياغتها بما يتلاءم مع ثقافة المشاهدة عند الجيل الحالي، مما يمنح الحكايات الشعبية فرصة جديدة للبقاء والتأثير.
في السياق ذاته، أكد الكاتب المسرحي أحمد الماجد أن القصص الشعبية تمثل الذاكرة الجمعية للمجتمع، وشدد على أن المسرح عنصر حيوي في إحيائها، موضحًا أنه قد اعتمد على قصص شعبية إماراتية في كتابة عدد من النصوص التي قدّمها بأسلوب درامي بصري حديث يجمع بين الإبداع المسرحي وروح التراث.
وأشار إلى أن الجمع بين الموسيقى والتمثيل والعناصر البصرية الحديثة أعاد الحياة لحكايات الجدة، وقرّبها من الجمهور المعاصر.
من جانبها، شددت الكاتبة عايشة غابش على أن القصص الشعبية الإماراتية تعكس تفاصيل الحياة القديمة بكل عناصرها، من البحر والصحراء وتجارة اللؤلؤ، إلى القيم الأخلاقية مثل الكرم والشجاعة.
وأوضحت أن الوسائط الحديثة مثل الكتب الصوتية والرسوم المتحركة والألعاب الإلكترونية تمثل أدوات فعالة لنقل هذه القصص إلى الأجيال الجديدة بطريقة تثير الفضول وتعزز الخيال.
وأشارت إلى أن الشخصيات الخرافية في الحكايات مثل “أم الدويس” و”بابا درياه” تشكل بيئة مشوقة للتعلم من خلال التساؤل والاستكشاف.
وبيّنت غابش أن رواية القصة بصيغة “الحكواتي” يمكن أن تكون مدخلاً مؤثرًا للطفل إذا تم تقديمها في دقيقة واحدة على مواقع التواصل، أو ضمن برامج مدرسية موسمية.
وأضافت أنها طورت قصة بعنوان “الباحث الصغير” إلى لعبة رقمية تحمل طابعاً تعليمياً وتراثياً، بهدف تقديم المفاهيم الشعبية بشكل مرح وتفاعلي، مؤكدة أن القصص الشعبية ليست حنينًا للماضي فقط، بل وسيلة لبناء المستقبل إذا أُعيد تقديمها بوعي وابتكار.
جمعت المبادرات المطروحة بين فكر الثقافة وأدوات التقنية، وفتحت الباب لنقاش واسع حول كيفية توظيف الوسائل الحديثة لخدمة الموروث الثقافي، وكيف يمكن للقصص التي روتها الجدات أن تعود إلى الواجهة بمنهج جديد، يربط الطفل بهويته ويقدم له معرفة تراثية بلغة يفهمها ويحبها، في وقت لم يعد فيه التحدي هو وجود القصة، بل طريقة سردها.
المصدر: البيان