متحف قطر الوطني يحتفل بنصف قرن من التوثيق الثقافي

احتفى متحف قطر الوطني بمرور خمسين عاماً على انطلاق مسيرته في الحفاظ على التراث الثقافي وتوثيق الذاكرة الوطنية لدولة قطر، حيث تأسس المتحف عام 1975 تحت اسم “المتحف الوطني”، وانطلق من مقره في القصر التاريخي للشيخ عبد الله بن جاسم آل ثاني، قبل أن يتحول لاحقاً إلى صرح معماري معاصر بتوقيع المصمم العالمي جان نوفيل، ما جعل منه واحداً من أبرز المعالم الثقافية في الخليج والمنطقة العربية، ومركزاً يعرض تطور المجتمع القطري وتحولاته الكبرى.
وشهد المتحف منذ تأسيسه تغيرات هيكلية وفكرية متعددة، لكنه حافظ على رسالته الأساسية المتمثلة في ربط المجتمع بتاريخه وتراثه المادي والمعنوي، ونجح عبر العقود في تحويل مساحات العرض إلى أدوات تفاعلية تبني علاقة مباشرة بين الزائر والمحتوى، سواء من خلال المعارض الدائمة أو المبادرات التعليمية أو الفعاليات المجتمعية التي تنظم على مدار العام، واستطاع بذلك أن يرسخ نفسه كمؤسسة تعليمية وثقافية تعكس نبض المجتمع وتحاكي ذاكرته الجمعية.
وتزامن هذا الاحتفال مع الذكرى العشرين لتأسيس مؤسسة متاحف قطر، التي تشرف على تطوير وإدارة مختلف المتاحف في الدولة، وقد أعلنت المؤسسة عن مشاركتها في الحملة الوطنية “أمة التطور”، وهي مبادرة ثقافية تستمر على مدى 18 شهراً، وتهدف إلى تسليط الضوء على التحولات الكبرى التي عرفتها قطر في النصف قرن الأخير، وتشارك فيها مجموعة من الجهات الثقافية ضمن خطة وطنية تبرز الطموحات المستقبلية في مجالات الفن، والإبداع، والحفاظ على الموروث.
وأكدت سعادة الشيخة المياسة بنت حمد آل ثاني، رئيس مجلس أمناء متاحف قطر، أن المتحف الوطني يمثل امتداداً للرؤية الثقافية التي أرساها الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، ويواصلها الأمير تميم بن حمد آل ثاني.
كما أشارت إلى أن المتحف لا يكتفي بعرض مقتنيات تاريخية، بل يشكل مساحة تعبير حي عن القيم والمفاهيم التي صنعت هوية قطر، وشددت على التزام المؤسسة الثقافي بمواصلة الجهود لحماية التراث القطري وعرضه بطريقة تواكب العالم وتخاطب الأجيال القادمة بلغة الحاضر.
جاء تصميم المتحف المعماري مستلهماً من تكوينات “وردة الصحراء”، ليكون أكثر من مجرد مبنى بل تحفة تجسد العلاقة بين البيئة والثقافة، واحتضن المتحف معارض متعددة تسرد مراحل تطور المجتمع القطري من مجتمع يعتمد على صيد اللؤلؤ، إلى دولة حديثة تلعب أدواراً فاعلة في السياسة والاقتصاد والثقافة.
كما يقدم المتحف عبر برامجه محتوى تثقيفي متكامل يستهدف المدارس والعائلات، ويشجع على التفاعل مع التاريخ من منظور إنساني وبصري معاصر.