السعودية.. جبل طويق شاهد على الماضي ومصدر إلهام للمستقبل

برز جبل طويق عبر التاريخ كرمز للقوة والثبات ومصدر إلهام لا ينضب، حيث تتوسط سلسلة الجبال هذه قلب منطقة نجد في المملكة العربية السعودية وتمتد لأكثر من 800 كيلومتر.
ويعود اسم الجبل إلى شكله المميز الذي يشبه القوس ويحيط بمساحات واسعة من الأراضي، وتبدأ سلسلة طويق من شمال محافظة الزلفي وتنتهي جنوباً عند صحراء الربع الخالي، بينما تحدها من الشرق خضراء اليمامة، ويخترقها عدد من الأودية مثل وادي حنيفة والعتش والفاو ونساح وغيرها من الأودية ذات الامتداد التاريخي والمعماري.
وقد وصف المؤرخون والرحالة هذا الجبل بدقة منذ قرون، وأطلق عليه قديماً اسم “جبل العارض”، وظل هذا الاسم متداولاً حتى العصر الحديث، بينما ارتبطت به مدن كبرى مثل الرياض وضرماء والدرعية والجبيلة والعيينة وغيرها من الحواضر النجدية.
شهد جبل طويق تحولات في دلالاته ومعانيه، فكان في الماضي مرجعاً جغرافياً يفصل بين قرى الوشم وسدير، كما تحول لاحقاً إلى رمز وطني وتجسيد لمعاني الإرادة والتصميم، وبرز في الخطاب الوطني السعودي بعبارات تحفيزية أطلقها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان مثل “همة السعوديين مثل جبل طويق”، التي أصبحت مرجعاً في تحفيز الأجيال على العمل والابتكار والتمسك بالجذور.
وتجلت مكانة الجبل أكثر من خلال مشروع القدية، الذي يُقام في قلب هذه السلسلة الجغرافية ويبعد 45 كيلومتراً عن العاصمة الرياض، ويعد من أهم مشاريع رؤية المملكة 2030 في مجالات الترفيه والثقافة والرياضة.
أقيمت القدية على مساحة تفوق 360 كيلومتراً مربعاً، وتهدف إلى تعزيز الاقتصاد المحلي وخلق أكثر من 325 ألف وظيفة مباشرة وغير مباشرة، وتستقطب أنظار المستثمرين محلياً ودولياً، وتتضمن مرافق فريدة مثل “ذا بليد” أول منعطف معلق في العالم، و”رحلة الصقر” التي تعد أسرع وأطول لعبة أفعوانية عالمية في مدينة Six Flags، وحديقة “أكواريبيا” المائية الأكبر في المنطقة، فيما تسهم المدينة في دعم الناتج المحلي بقيمة 135 مليار ريال سنوياً وتوسيع مجالات العمل في أكثر من 200 قطاع.
ويُجمع المهتمون بالتاريخ والمعمار على أن موقع القدية ليس صدفة، بل يمثل امتداداً لمسار تاريخي يتجاوز عمره ثلاثة آلاف سنة، حيث عرف طريق القدية كممر تجاري وجغرافي مهم يربط بين حجر اليمامة وسواحل الغرب، وقد خضع للترميم أكثر من مرة، منها ترميمات في عهد الإمام فيصل بن تركي، ثم الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود عام 1352هـ، وتحتوي المنطقة المحيطة بنقوش وآثار تعود إلى قرون سحيقة، ما يضفي على المشروع المعاصر بعداً تراثياً متجذراً.
وارتبط اسم طويق في الوجدان الشعبي والمؤسسات الرسمية، فبات رمزاً يتكرر في أسماء الشوارع والأحياء والنوادي والمراكز الثقافية، حتى أطلقت الهيئة الملكية لتطوير مدينة الرياض اسم “قصر طويق” على أحد أبرز مقراتها الرسمية الذي يستضيف المعارض والندوات وحفلات الاستقبال.
كما يحمل الحي الواقع غرب الرياض الاسم نفسه، بالإضافة إلى استخدامه في أسماء مؤسسات رياضية وثقافية في الزلفي والظهران والمجمعة ومناطق أخرى، ليتحول جبل طويق من معلم جغرافي إلى رمز وطني متعدد الأبعاد يعكس روح التحدي والإرادة في ذاكرة السعوديين.
المصدر: وام